الأربعاء، 29 أكتوبر 2014

سؤال عن هدم مسجد وتعويضه في موضع آخر



نص السؤال :
((ماذا يجب على من هدم مسجدا ليبني مكانه مكتبة، وبنى عوضا عن المسجد الأصلي مسجدا آخر بالقرب منه )) اهـ.

الجواب :

يجب عليه أن يتوب إلى الله تعالى مما جناه، ويجب عليه أن يعيده كما كان.

فقد سئل الإمام أبو محمد ابن أبي زيد القيرواني صاحب الرسالة عمن تعدى على مسجد فهدمه.
فأجاب : 
((يجب عليه أن يعيده كما كان وأحسن)). (المعيار المعرب 7/337).

بل لو تهدم المسجد بنفسه لأثم الناس الذين تركوه يتهدم ووجب أن يعيدوه، فكيف بالهادم؟!

فقد سئل الإمام أبو محمد أيضا عمن تركوا مسجدهم يتهدم هل هم مجبرون على بنائه من أموالهم ؟
فأجاب : 
((أما تركهم إياه مهدوما مع قدرتهم على البناء ولا غرض لهم فيه فهم آثمون)) .. (المعيار المعرب 7/338).

وكما يحرم هدمه يحرم بيعه أو تأجيره أو هبته .. ولو كان فاعل ذلك الباني نفسه، لأنه لما بناه مسجدا وفتحه للناس يصلون فيه خرج عن ملكه وصار وقفا لله تعالى، فلو تصرف فيه بعد ذلك ببيع أو إجارة أو هبة ينقض ذلك كله عليه ويعاد الأمر إلى أول عهده وجوبا، ففي مواهب الجليل في شرح مختصر الشيخ خليل : 
((وأما الذي بنى مسجدا فأكراه فلو أباحه للمسلمين لكان حبسا لا حكم فيه له ، ولا لأحد فيه)) اهـ.

وفي المنح والمواهب وغيرها من كتب السادة المالكية عن الإمام مطرف فيمن بنى مسجدا وصلى فيه نحو السنتين ثم باعه ممن نقضه وبناه بيتا أو تصدق به قال : 
((يفسخ ما فعل ، ويرد إلى ما كان عليه مسجدا ، وهو كالحبس لله تعالى لا يجوز بيعه ولا تحويله ..)) اهـ.

وأما تعويض المسجد في مكان آخر فهذا إنما يجوز للضرورة الواضحة بحكم الحاكم الذي ينظر في المصلحة، وأي مصلحة في هدم مسجد قائم وبناء مكتبة موضعه؟! فكان على هذا الهادم للمسجد إذا أراد بناء مسجد آخر أن يبنيه في مكان آخر دون التعرض للمسجد الأول بشيء، وعليه حتى يتخلص من الإثم العظيم أن يعيد المسجد الأول في موضعه بمثل بنائه أو أحسن، هذا والله تعالى أعلم.