الجمعة، 17 فبراير 2017

بطلان الجمع للمطر في النهار عند المالكية



بطلان الجمع للمطر نهارا عند المالكية

الحمد لله الذي نزل علينا الغيث ولم يجعلنا من القانطين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق وإمام المتقين، سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .. وبعد .

فإن الشيخ الفاضل خطيب جامع الفاتح الإسلامي بالمنامة، في هذا اليوم العشرين من جمادى الآخرة من سنة ثمان وثلاثين وأربعمائة وألف من الهجرة النبوية، والذي تذاع خطبته في الأقنية العامة، والفضائية، وبعد أن أمتع المسلمين بخطبته العصماء، وشنف آذانهم بمحاسن الوعظ، وجوامع الدعاء، وعلى إثر إقامة صلاة الجمعة المباركة ذكر للناس أنه سيجمع بين صلاتي الجمعة والعصر بسبب المطر، وذكر أن هذا الجمع يجيزه المالكية والشافعية تيسيرا على الناس وتخفيفا ..


جامع الفاتح الإسلامي من معالم البحرين

فرأيت واجبا علي أن أبين أن الجمع الذي حصل بين الصلاتين لا يصح على أي مذهب من المذاهب الأربعة ..

أما المالكية والحنابلة فلأنهم لا يجيزون الجمع بسبب المطر في النهار، ويختص الجمع بسبب المطر عندهم بالليلة المطيرة أي بين المغرب والعشاء فقط مع شروط أخرى لا داعي لتفصيلها.
وأما الحنفية فلا يجوز الجمع عندهم بسبب المطر أصلا، لا في النهار ولا في الليل.
فلم يبق إلا الشافعية، فهم الذين يجيزون الجمع في النهار بين الظهر أو الجمعة والعصر بسبب المطر، ولكنهم يشترطون شروطا لصحة هذا الجمع :
منها أن يكون المطر هاطلا بالفعل في بداية الصلاة الأولى (وهي الجمعة هنا) وهاطلا بالفعل من نهاية الأولى إلى بداية الصلاة الثانية (وهي العصر) ..
ومنها أن تكون كثافة المطر بحيث تبتل منه الثياب ..
بل قال العلامة الخطيب الشربيني في مغنى المحتاج ـ من كتب الشافعية المعتبرة ـ : (ويشترط حصول مشقة بالخروج مع المطر .. فلا يعذر بالخفيف ولا بالشديد إذا كان يمشي في كن) اهـ .
وقوله : (في كن) أي ما يحجب عنه المطر كسقف وسيارة ..

فهذا الجمع لا صحة له على أي مذهب من المذاهب الأربعة.
وبعض الناس يلجأ إلى الحيلة التي يسميها الفقهاء (التلفيق) بأن يأخذ مسألة من مذهب ومسألة من مذهب آخر، ويركب منهما مذهبا جديدا لا قائل به، فمثلا يأخذ جواز الجمع في النهار من الشافعي وعدم اشتراط هطول المطر بالفعل من المالكي، فيخترع مذهبا جديدا لا قائل به وهو جواز الجمع في النهار للمطر المتوقع الهطول، وهذه الحيلة مما يقول جمهور الفقهاء بإبطالها وتحريمها، لأنها تنتج عبادة لا يقول أحد من المذاهب بجوازها.
ولو فرضنا أن إنسانا أراد اتباع هذه الحيل فليس له أن ينسب هذه الحيل إلى أي مذهب من الأربعة بل ينسبها إلى نفسه.
والشيخ الخطيب المذكور نعرف أنه عالم شافعي المذهب لا يخفى عليه مذهب الشافعية كما أظن، فالظاهر أنه أخبره من يثق به أن المطر مستمر، والحقيقة أننا رأيناه منقطعا قبل الصلاة وبعد الصلاة إلا رذاذا لا يسمى مطرا.
وأما إضافته جواز ذلك الجمع إلى مذهبنا المالكي فالظاهر أنه أشكل عليه فظن أن المالكية يجيزون هذا الجمع فنسبه إليهم سهوا.

والمظنون بفضيلته تصحيح ذلك في الخطبة القادمة إن شاء الله بتنبيه قصير يوضح فيه عدم صحة نسبة الجواز إلى المذهب المالكي، وضرورة التزام الشروط لمن أراد الجمع في المذهب الشافعي، وإننا ممن يحرص بين الحين والآخر على صلاة الجمعة معه لما لفضيلته من العلم ولما لخطبته من الحسن والتأثير نفع الله به وزاده من فضله، هذا والله أعلم، والحمد لله رب العالمين.