الجمعة، 29 أكتوبر 2021

شيخ النصر في العاشر من رمضان

 


الشيخ أحمد بن محمد بن محمد ابن حجاب المصري الطنطاوي
(1309هـ ـ 1398هـ)


لا أحب أن تمضي مناسبة  أكتوبر (العاشر من رمضان) المجيدة، والتي هزم فيها المسلمون ـ ولا أقول المصريون ـ إسرائيل وحطموا أسطورتها الخائبة (خط بارليف) الرملي ! دون أن أحتفل بها ولو بدروشة خفيفة ..  

قبل النصر وحين التخطيط السري للمعركة كان للسلاح الروحاني دوره الفعال إذ توجه الرئيس السادات رحمه الله ليعقد لقاءا سريا مع الشيخ أحمد ابن حجاب شيخ الجامع الأحمدي بطنطا (جامع السيد أحمد البدوي) ليأخذ مشورته في الإقدام أو الإحجام، فما كان من الشيخ أحمد ابن حجاب إلا أن شجع السادات وبث فيه الروح الجهادية وبشره بالنصر، وأمره بالاستعداد المادي والروحي، ورغبه في التبرك بآثار أبي الفتيان محرر الأسرى ومحارب الصليبيين (السيد أحمد البدوي الطنطاوي) فناوله مسبحة السيد أحمد البدوي الأثرية، وألبسه جبته وقال له توكل على الله .. 

شوهد السادات قبيل ساعة الحرب في الوسائل الإعلامية وهو يحمل سبحة السيد أحمد البدوي، ولم يكن أحد يعرف ما وراء الدروشة ساعتها .. 



لكن سرعان ما انكشف الأمر وتساقطت رمال بارليف، وكان النصر للمسلمين، وكانت الهزيمة على الأعداء ..




لماذا قصد السادات مشورة الشيخ أحمد بن محمد حجاب دون غيره من الشيوخ؟

لأن السادات كان يعتقد أن الشيخ أحمد ابن حجاب إما رجل ذو فراسة خارقة، وإما ولي صالح ذو كرامات، ومثله يستشار ويتبرك به ويوثق برأيه، لا سيما والسادات لا يزال يتذكر عندما دخل المسجد الأحمدي فيما مضى من عمره مغموما مهموما ـ وقد فقد رتبته ووظيفته ـ وإذا بالشيخ أحمد ابن حجاب يحييه قائلا له مرحبا بخديوي مصر !!

عدها السادات ـ حينها ـ مزحة في وجه مهموم تطييبا لنفسه وجبرا لخاطره .. ولكنه أصبح فعلا خديوي مصر!! 

لهذا وجد السادات نفسه مضطرا لاستشارة الشيخ أحمد دون غيره ..

الشيخ أحمد ابن حجاب كان عالما محجاجا متكلما أثر في كثيرين منهم الشيخ الشعراوي الذي تحدث عنه بإجلال وإكبار لا على أنه عالم من علماء مصر وحسب بل على أنه أحد العارفين بالله الذين تركوا في حياته أثرا عظيما في عناوين التصوف والزهد.

للشيخ أحمد ابن حجاب كتاب ألفه في الرد على الماديين الملحدين وإخوانهم منكري الخوارق والمعجزات، وأبناء عمومتهم منكري كرامات الأولياء والصالحين، أفرده للدفاع عن العقيدة الإسلامية عامة وعن حبيبه ورفيق دربه الروحي قطب مصر السيد أحمد البدوي خاصة .. 

يمكنك أن تشعر وأنت تقرأ كتابه هذا بقوة حجته وسطوة تعبيره، ولا يمكن أن يدعك الكتاب دون أن يؤثر فيك بقوته، فبينما تتصفح أوراقه الأولى وإذا بك مأسور بين براثن فيلسوف جلد ومنطيق صعب المراس يعصرك بالعقل والبراهين عصرا، لا سيما إن كان مسيس من أفكار الزنادقة من منكري معجزات الأنبياء قد وجد سبيله إلى دماغك، أو شيء من نفثات أفراخهم المؤمنين بكرامات الأولياء بألسنتهم ـ الجاحدين بقلوبهم ـ فلا بد وأن تجد عقلك حينها واقعا تحت ضغط عنيف، ولا بد أن تنزعج من ضربات قلبك المتسارعة، إنه كتاب

العظة والاعتبار 

آراء في حياة السيد البدوي الدنيوية وحياته البرزخية



حمل الكتاب من هنا


توفي الشيخ أحمد ابن حجاب بعد نصر العاشر من رمضان سنة 1398هـ ـ 1978م

ويبدو أن الرئيس المصري محمد أنور السادات أحب أن يكافأ الشيخ أحمد فأذن بدفنه بجوار ضريح من أحبه وذب عنه السيد أحمد البدوي، فالشيخ أحمد حجاب هو الشخص المعاصر الوحيد المدفون تحت القبة الأحمدية.



نسأل الله تعالى أن يبرم لهذه الأمة أمرا رشدا يعز فيه أهل طاعته ويذل فيه أهل معصيته وتعود إلى المسلمين قدسهم ومقدساتهم، والحمد لله رب العالمين.