الجمعة، 6 أبريل 2012

جواب مسألة وزير الخارجية عن إهلاك النفس

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

شيخنا العزيز ...

هذا سؤال طرحه وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد على حسابه يطلب فيه بيان الحكم الشرعي من الخطباء يوم الجمعة 6/4/2012 ونص كلامه :

((غداً الجمعة .. نريد الرأي الشرعي في حديث الساعة .. من يجوّع نفسه حتى الموت))

فما قولكم في هذه المسألة؟؟

الجـــــــــــــــــــــــــــــواب:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين، سيدنا ومولانا نبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحابته الأبرار الميامين وبعد ..

نعم ظلم الناس حرام بأي صورة كان، فأكل أموال الناس بالباطل حرام، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق حرام، والسرقة حرام، ومتاجرة المسلمين في الخمر والخنزير وسائر المحرمات حرام، وتجارة البغاء والعري حرام لا خلاف فيه، وترك الحكم بما أنزل الله تعالى وتقديم القوانين الوضعية حرام، وتعذيب الناس في السجون حرام، والغش في التجارة حرام، وتخريب الممتلكات الخاصة والعامة حرام، والتحريق في الشوارع وإخافة الناس حرام، وتهديم المساجد دون حجة ناهضة حرام، والتمييز بتفضيل بعض الناس على بعض واستعمال الواسطة في الوظائف والحقوق والترقيات حرام، والرشاوي حرام، والسماح بالتبشير بغير دين الإسلام في بلاد الإسلام حرام، والتعدي على أوقاف الناس وحقوقهم حرام، وقذف الأعراض وسب الناس حرام، والاستهزاء والسخرية بخلق الله حرام، والفتنة بين الناس حرام ـ والفتنة أشد من القتل ـ كل ذلك حرام في حرام ..

لكن معالجة هذه المحرمات كلها لا يجوز أن يكون بوسيلة محرمة، فإهلاك المرء نفسه وإتلاف روحه لا يجوز أن يكون علاجا أو ردا على كل هذه المظالم والمحرمات، سواء كان هذا الإهلاك للنفس بالتردي من شاهق أو تناول نحو سم، أو بترك الطعام والشراب أو بإحراق النفس، كل هذه وسائل غير مشروعة لتغيير المنكر وتبشيع الظلم للناس وإن كان الظلم محرما، لا يختلف أهل العلم في تحريم هذا وهذا، بل هذا التحريم من المعلوم من الدين بالضرورة، وليس في حاجة إلى شرح ولا بيان ولا تفصيل الأدلة، ومن يحلل مثل هذا العمل فمن جهله حلله، أو من باب الفقه السياسي المنتشر هذه الأيام والذي أفسد الدين والدنيا ..

فالواجب تغيير المنكر بالطرق المشروعة، وإن كانت طويلة النفس بطيئة الأثر، فلا شك أن إتلاف النفس بهذه الوسائل حرام ولكن يجب أيضا النظر فيما أوجب هذا وأدى إليه، فالبوعزيزي التونسي رحمه الله وغفر له لم يفعل ما فعل إلا لمظالم كثيرة ناء كاهله عن حملها فأقدم على حرق نفسه وهو حرام وإثم، فكما نقول عن هذا الفعل ونحوه حرام يجب أن نجرم ونحرم ما أدى إليه أيضا من المحرمات والمظالم ...

فإذا تناول الخطباء اليوم هذا الأمر استجابة لطلب وزير الخارجية سلمه الله فيجب عليهم قبل هذا أو بعده استنكار الظلم، لأنه لا يقدم على إتلاف نفسه عادة إلا مظلوم انقطعت به السبل، فما أقبح أن يقتصر الخطيب على زجر البوعزيزي مثلا وتقبيح ما جناه على نفسه دون أن يتحدث عما دفعه إلى هذا دفعا حتى فقد لذة العيش وكره حياته وأقدم على إتلاف نفسه، فما أقبح الاقتصار على هذا دون ذكر ما اضطره إلى ذلك، وإذا فقد الكلام التوازن والإنصاف والعدل لم يؤت أكله ولم يثمر ..

هذا والله تعالى أعلم.

هناك 4 تعليقات:

  1. حفظكم الله يا شيخنا ونفعنا بعلومكم في الدارين آمين ..

    ردحذف
  2. اللهم فرج عن عميد الحقوقيين عبدالهادي الخواجة .. الحرية لك يآ بطل

    ردحذف