الإسناد إلى متن تحفة الأطفال
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين،
والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين، سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه
أجمعين.
وبعد ..
يقول الفقير إلى عفو الله وغفرانه أبو حامد عبد الرؤوف بن مبارك المالكي الأزهري: قد سألني بعض طلبة العلم عن إسناد متصل محقق غير مظنون لمتن تحفة الأطفال في فن التجويد من نظم الشيخ العلامة سليمان الجمزوري الذي أوله:
يقول راجي رحمة الغفور ** دوما سليمان هو الجمزوري
الجواب :
اعلم أن هذه المنظومة المباركة لها شهرة كبيرة، وقد رزقت القبول مذ ألفها مؤلفها، ويشهد لذلك ما قاله ناسخها وناسخ شرحها الشيخ محمد بن سلامة بن عبد الخالق بن حسن الجمل الحياني بلدة الشرقاوي نسبة الرشيدي منزلا وعملا الشافعي القادري الشهير بالواعظ وهذه حروفه:
((منذ صباي لم أزل حريصا على الاستفادة راغبا في الإفادة
ثم الآن كتبت هذا الشرح على متن تحفة الأطفال لكونها من محفوظاتنا في الصبا، ولأن
لها وقعا في قلوبنا، لا سيما بشرحها للشيخ الإمام العالم المدقق مولانا الشيخ محمد
الميهي الأحمدي تغمده الله برحمته، فكانت لنا أول محبوب كما قيل:
كم منزل في الأرض يألفه الفتى ** وحنينه أبدا لأول منزل
.. ))
كتب الشيخ هذا متغزلا
في المنظومة وهو من أهل رشيد في أواخر القرن الثالث عشر الهجري، الدال على أن
المنظومة أصبحت من المحفوظات المقررة على الأطفال في كتاتيب مصر.
ولهذا ازدادت رغبة طلبة
العلم في كل وقت في الاتصال بها والعثور على سند محقق بروايتها بعيد عن مظنة الانقطاع
أو الخلل في العرض والسماع، ولذلك ذكرت هنا طريقين محققين للاتصال بها:
أولا : يجوز أن تروى هذه
المنظومة على التحقيق من طريق الشيخ الإمام الشهير علي بن عمر الميهي ثم الطنتدائي
(الطنطاوي) الشافعي الخلوتي الأحمدي الأزهري البصير إمام القراءات في عصره المتوفى
سنة 1204هـ.
وهو عن تلميذه ناظمها الجمزوري، لأن العلامة
سليمان الجمزوري لما نظمها عرضها على شيخه علي الميهي فاستحسنها الشيخ علي وسماها
تحفة الأطفال، فالشيخ علي الميهي:
- هو مصدر الأحكام المذكورة في هذه المنظومة.
- وصح له سماع هذه المنظومة من ناظمها.
- وهو الذي سماها باسمها
المشهور تحفة الأطفال.
ولا يخفى أن العرض
والسماع أقوى وجوه التلقي المقررة في علم مصطلح الحديث، والأسانيد إلى الشيخ علي
الميهي مشهورة، فهو عمدة من عمد أسانيد القرآن الكريم في غربية مصر والعالم
الإسلامي، والسند إليه معروف لدى جميع المشتغلين بأسانيد القرآن الكريم.
ثانيا : يصح أن تروى هذه
المنظومة على التحقيق من طريق العلامة السيد محمد بن أحمد بن يوسف بن مجاهد
الحسيني المصري الطنتدائي الشافعي الشاذلي الأحمدي المتوفى سنة 1253هـ، وهو عن
شيخه سليمان الجمزوري.
وبيان ذلك أن العلامة الجمزوري
كان أول اشتغاله في الجامع الأحمدي بطنتدا بتدريس كتب الفقه الشافعي واللغة
العربية، ولم يكن عالما بالتجويد والقراءات، حتى أمره شيخ الجامع الأحمدي السيد
أبو النجا أحمد بن يوسف مجاهد بتحفيظ ولديه – أحمد ومحمد - القرآن وتعليمهما
التجويد، كان ذلك أواخر القرن الثاني عشر الهجري، فامتثل العلامة الجمزوري لأمره
من ذلك الوقت وشرع في تلقي التجويد على الشيخ علي الميهي، ثم نظم منظومته المذكورة
من أجل الولدين المذكورين، وهما المقصودان بقوله في منظومته: (الأطفال)،
فتلقاها السيدان المذكوران عنه، ثم إن السيدين المذكورين صارا ابتداء من القرن
الثالث عشر من أعلام طنتدا والجامع الأحمدي وأخذ عنهما الطلبة، لا سيما العلامة
السيد محمد فإنه اشتغل بالتدريس بالجامع الأحمدي أكثر من نصف قرن من الزمان، وتخرج
به طبقات من العلماء، وكان من الآخذين عنه المجازين منه على العموم:
العلامة محمد بن مصطفى
بن يوسف بن علي أبو النجا المصري الشنواني الشهير بالطنطاوي ثم الدمشقي الشافعي
الأحمدي الأزهري المتوفى بدمشق سنة 1306هــ.
وترجمته مشهورة في حلية
البشر وغيرها، والأسانيد إليه متشعبة ومعروفة، ومن ذلك ما:
أنبأني أبو الإرشاد
محمد مرشد بن أبي الخير عابدين (1428هـ) عن أبيه (1344هـ) عن العلامة محمد بن
مصطفى الشنواني الطنطاوي الدمشقي (1306هـ) عن العلامة السيد محمد بن أحمد بن يوسف
مجاهد (1253هـ) عن العلامة سليمان بن حسين بن محمد بن شلبي الجمزوري – أبوه - الطنتدائي الشافعي
الأحمدي الشاذلي الشهير بالأفندي (1227هـ) بمنظومته تحفة
الأطفال وغيرها.
وهذا الإسناد محقق الاتصال
بالإجازات الشاملة لكل مروي، وهو أعلى من الأول من جهة العدد، فهذا ما أحببت ذكره
على وجه الاختصار إجابة لسؤال بعض الأحبة من طلبة العلم، وقد اتسعت في ترجمة
المجاهديين وتلاميذهم في كتابي "رائد النهضة الأحمدية" وكتابي
"الأعلام الأحمدية" يسر الله تمامهما، والله ولي التوفيق.
وكتبه أبو حامد المالكي
الأزهري
عبد الرؤوف بن مبارك بن
جمعة
5 شعبان 1443هـ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق