السبت، 17 مارس 2012

الساعات الأخيرة في مجمع السلمانية (6)


الحلقة الخامسة


يوم الثلاثاء 15 مارس

يوم الثلاثاء وما أدراك ما يوم الثلاثاء ! يوم تتكشف فيه الحقائق وتظهر، ويبدو فيه ما كان استتر، والحمد لله على ما قضى وقدر، وما شاء فيه وأراد وأمر ..

أما صباح هذا اليوم فهو أكثر هدوءا، وأشد صفاء، دخلت فيه إلى المجمع كما أدخل كل يوم، ووقفت كما أقف عادة، وتجولت فيه قليلا فلم أر ما يستدعي العساكر والدساكر، ولكن الناس انقطعت عن المجمع لهول ما تصغي إليه وبشاعة ما تسمع.

زيارة السلمانية مع بعض الزملاء :

وقبيل العصر جمعني الزمان ببعض الإخوان فسألوني عن أحوالي، فلما ذكرت لهم انشغالي وترددي إلى السلمانية عجبوا واستغربوا وسألوني كيف أصل إليه وهو محتل؟ وأهل السنة فيه تخطف وتعقل؟! فأجبتهم بالنفي لكثير مما يشاع ويذاع، وسألتهم الصحبة إلى المجمع، ليعاينوا بأنفسهم، فما راء كمن سمعا، فذهبوا معي إليه ـ وأعانوا على حمل بعض الأمتعة والطعام لنهديه لعاملات الجناح بمناسبة سلامة الأهل والمولود ـ فدخلنا وخرجنا ولا إشكال ولا تعرض أحد لنا بمقال .. اللهم إلا ساعة خرجنا من المجمع إلى الشارع عند بوابة (6) فإذا بشاب يقود سيارته أقرع الرأس والأخلاق، يمر بنا ملتفتا إلينا، فلما رأى هيأتنا ـ أي أننا من أهل السنة والجماعة ـ نظر إلينا نظرة الحماقة والرقاعة، قائلا بزمارة سيارته: (تن تن تتن) !! أراد بذلك أن يغيظنا، وهذا من جملة الاستفزاز الذي لا يليق بدعاة الحرية والعدالة .. فنظر بعضنا إلى بعض فقلت لهم : هل ترون هذا المقدار من الأذى خارج المجمع يساوي ما تسمعون عن داخله؟ قالوا : اللهم لا .
وإلا فلم نر في المجمع ذلك الوقت شيئا يعكر الخاطر أو يكدر البال، ولم يظهر أن ثم تجمعا أو حشدا أيضا في ناحية الطوارئ.

نعم كان الهدوء والقرار ولكنه الذي يليه الإعصار ..

 كلمتي بالأمس تختفي اليوم :

وفي الصباح وعند الظهر وقبيل العصر حاولت أن أجد أثرا للكلمة، ولكن لا أثر أبدا ! وهذا عجيب، فقد كنت أظن أنهم أحرص الناس على نشرها لما ذكرنا فيها من هدوء المجمع وبطلان كثير مما يشاع عنه، بل إني أقطع أن كثيرا من الأطباء والعاملين كانوا يبادلونني الشعور نفسه أي أنهم يرغبون أشد الرغبة في توضيح صورة السلمانية الحقيقية قبل أن تقع الفأس في الرأس، وقد كان النشر ميسورا بطرق كثيرة لا تخفى على طلاب المدارس فضلا عن لجان منظمة إعلاميا !! لا يقال بأن كتمانها هو من باب الحماية لنا والخوف علينا لأنهم كانوا ينشرون كلمات كثيرة وكانوا يصورون ويسجلون، ولو أرادوا كتمان ذلك لما سجلوا وصوروا أصلا، ولكني لم أعرف بعد السبب الحقيقي لامتناعهم من نشرها إلا ما سبق أن ذكرته ظنا وتخمينا، وقلت لعل عارضا منعهم من نشرها الآن وينوون ذلك في الساعات المقبلة، وكان الرأي أن أسألهم لاحقا عن الكلمة ولكن الأحداث التي جدَّت أنستنا ما كان قبلها، وسبحان من لا يضل ولا ينسى.

 أخطر إشاعتين في تقديري :

أخطر شيء راج كثيرا ذلك اليوم هو الأسلحة المخبأة، والرهائن المعتقلون .. فمن السهل جدا أن ندرك صدق أو كذب الكلام على التفتيش والفرز والتمييز الظاهر لأننا كنا سنرى ذلك لو كان موجودا فهو عند الأبواب والمداخل، ولكن التأكد من عدم وجود أسلحة مخبأة أو عدم وجود رهائن أبدا في المجمع كله لا يمكن إلا بتفتيش كل ركن وزاوية من المجمع الضخم ! وهذا صعب وعسر جدا .. فبقي لدينا قلق شديد من احتمال صدق هذه الإشاعة، لا سيما مع وجود الشباب الطائش والمندفع الذي تصعب السيطرة عليه، وكنا نرجو على الدوام أن تكون هذه الإشاعة من جنس ما سبقها مما نفاه الوزير والنائب وما نفيناه نحن أيضا ..

الراصد وطبول الحرب :

بحلول المساء وقبل أن أتهيأ للذهاب للسلمانية كرة أخرى كنت أتتبع الأخبار، وإذا ببرنامج الراصد قد تخصص الليلة في شؤون السلمانية ! وبمجرد أن بدأ البرنامج وشرع الحاضرون والمتصلون بالكلام لمست نبرة التصعيد الجديدة !! حاولت الاتصال بهم لكن دون جدوى ! فلم يزل يتفاقم الأمر حتى وصل البرنامج إلى الحديث عن الرهائن والأسرى ثم اتصلت امرأة تستصرخ الملك (لإنقاذ أهل السنة في مستشفى السلمانية ) !!! وتزعم أنهم سيقتلون الممرضات السنة ! وتلاها رجل ينادي (وامعتصماه)!!!:



فأحسست كأن طبول الحرب تقرع على رأسي وتنفخ أبواقها في أذني، وضاقت علي الدنيا بما رحبت فلم أستطع أن أضبط نفسي فنهضت مسرعا وركبت سيارتي منطلقا إلى السلمانية التي تركتها هادئة قبل نحو ساعتين ..

خرج الأمر من أيدينا :

لما أيست من التقاط خط تلفزيون البحرين هذه المرة خطرت لي فكرة الاستعانة بشخصين يمكنهما التحدث إلى أي مسؤول كبير في الدولة، فاتصلت بأولهما وشرحت له الوضع فتعجب وتحير ثم كان جوابه أن قال: (ماذا أقول لك؟) ولم يقل شيئا !
وأما الآخر فشرحت له الوضع وذكرت له حاجتي إلى واحد من شيئين فقط:
إما أن يتحدث نفسه إلى مسؤول الإعلام طالبا منه تخفيف الوطأة على السلمانية وأن يتبين الأمر جيدا قبل أن يهلكنا هناك.
وإما أن يفسح لي المجال ويمكنني من الخط لأتحدث نفسي إلى برنامج الراصد فورا.
ولكن كان جوابه (لقد خرج الأمر من أيدينا) لا نستطيع أن نفعل شيئا الآن، فقد دخل درع الجزيرة واستلم زمام الأمور !
وهكذا قطعت جهيزة قول كل خطيب، وكان علي أن أتوجه إلى قسم الطوارئ فورا للتأكد من مسألة الرهائن.
ولو أنني تمكنت من التواصل مع تلفزيون البحرين لعرضت عليهم أن أكون مراسلا لهم تلك الليلة على الهواء مباشرة وأن أدخل إلى أي مكان شاؤوا للتأكد من مسألة الرهائن هذه وغيرها مما يمكن أن يساهم في طمأنة الناس، ولكن مشيئة الله غالبة.

خطاب وهتافات في السلمانية :

وصلت إلى المجمع هذه المرة نافذا من العدلية، ودخلت من جهة مركز الأميرة الجوهرة ولأول مرة أفاجأ بشباب في أيديهم الهراوات والعصي يقفون هناك قبالة الموقف الكبير! لم أسألهم عن سبب وجودهم ولكن يبدو أن ثم خطابا يلقى عند الطوارئ وهتافات وهم كانوا يوجهون من يقصد هذا التجمهر إلى الوقوف في الموقف الكبير المقابل لمركز الجوهرة ..

ويظهر أن من يخطب فيهم هذه المرة لم يكن يفكر مثل المقداد، لأن المقداد كان يرشدهم إلى الهدوء والسكون ويأمرهم بالذهاب إلى الدوار وترك السلمانية، وأما هؤلاء فكانوا يرددون هتافات بصوت عال بين الحين والآخر مستمرين في برنامجهم داخل السلمانية !

إلى قسم الطوارئ :

لم أتوجه إلى قسم الطوارئ الرئيسي حيث التجمهر، بل سلكت طريقا آخر يوصلني إلى طريقي المعتاد ودخلت إلى قسم الطوارئ من بوابة الولادة، واقتحمت المكان على الطاقم هناك وأنا في غاية الأسف والانزعاج، فاجتمع بعضهم حولي مبادرين بالقول: هل سمعت ما يقولونه عنا يا أستاذ؟ أنحن نحتجز رهائن ونريد قتلهم؟! قلت لهم فما قولكم أنتم؟ قالوا : كل هذا كذب وافتراء علينا ونحن لا نفعل ذلك وهذه السلمانية مفتوحة لمن شاء أن يرى ويشاهد !! قلت لهم: فلماذا لا تتصلون بهم لتبينوا لهم ذلك؟ قالوا : لا يسمحون لنا بذلك.

صعدت إلى قسم الولادة وأنا محتار في أمري من أصدق ومن أكذب! وبالرغم من أن الأخبار لا تصل إلى الأسرة عبر التلفاز إلا أن بعض ضعفاء العقول من المتصلين كانوا ينقلون إلى المرضى بداخل السلمانية ما يسمعونه في الإعلام ! بحيث انتشر القلق والتشوش، ولهذا أمرت الأهل بعدم الرد على أي اتصال إلا أن يكون مني شخصيا.

وزير الصحة يتصل بتلفزيون البحرين :

علمت فيما بعد أن وزير الصحة كان اتصل على برنامج الراصد وأوضح الأمور ووضع النقاط على الحروف واستبشر الحاضرون والناس خيرا بكلامه ولكن يبدو أن الوقت قد فات وهذه كلمته:



الإمساك بمصورين في الطوارئ :

خرجت مجددا لإحضار الطعام الضروري، لم يكن هذا اليوم كسائر الأيام بل يبدو أن شيئا ما يحدث لا ندري ما هو، وبينما كنت خارج المستشفى تسلل خبر إلى الناس بداخله أن المتجمهرين أمسكوا ببعض رجال الأمن !! وهذه إن صحت فهي مصيبة تضاف إلى الوضع المتفاقم أصلا ..

التواصل مع اللجنة التنظيمية:

اتصلت بعلي حسن الصددي لأعرف منه حقيقة ما يدور، وجرى بيني وبينه الحوار التالي بمعناه :



سألته عما يجري وعن حقيقة الرهائن، فأنكر ذلك وذكر أنهم يمسكون فقط برجلين كانا يصوران دون تصريح، لأن كل مصور عندهم معروف لديهم أنه يصور لهذه القناة أو تلك الجريدة أو المجلة، وهذان الرجلان لا ينتميان إلى أي شيء من ذلك، وما عندهم من الصور يدل على أنهما يعملان لحساب الأمن !
فقلت له : على فرض أنهما من رجال الأمن ـ وهما ينكران ذلك ـ فما المشكلة في أنهما يصوران مادمتم لا ترتكبون خطأ من وجهة نظركم؟ فأجاب بأننا وإن كنا لا نفعل الخطأ لكننا لا نعرف كيف سينظر الطرف الآخر إلى هذه الصور وكيف يمكن أن يستغلها ضدنا، ولهذا فهي تشكل خطرا علينا.
قلت له: إن أردت نصيحتي فلا بد من ترك الرجلين حتى لا يتفاقم الأمر أكثر فأكثر فما يقال الآن كاف جدا. فأجاب بأنهم لا ينوون بهم شرا أبدا، ولكن المتجمهرين خصوصا الشباب المندفع ثائرون عليهم ويريدون الفتك بهم ويتهددونهم بالقتل ولهذا لا نستطيع الآن تركهم أمام الأعين لأن هذا سيؤدي حتما إلى هلاكهم أو ضررهم.
قلت له: هذا صحيح فحمايتهم ضرورية ولكن لا بد من الإسراع بتركهم حتى لا تستغل هذه المسألة، ولهذا أقترح عليك وبأسرع وقت أن تقوم بإصعادهم إلى قسم الولادة ليبتعدوا عن بؤرة التوتر وأنا أتكفل بالباقي.

وقد وفى الرجل، فعندما عدت إلى السلمانية وصعدت إلى الطابق الرابع كان ينتظرني معهما، فتركهما معي وذهب، وكانا خائفين أشد الخوف ولا يصدقان أنهما أفلتا من قبضة الموت!

في البداية جلست معهما لطمأنتهما ولأزيل الرعب عنهما وعرفت منهما بعض التفاصيل، ثم قمت بالخروج مع أحدهما من جهة ومع الآخر من جهة أخرى ولم يتعرض لهما أحد، ولكن ياللأسف فقد صارحني أحدهما أنه قام خلسة وهو محبوس في الخيمة بالاتصال بالأمن وطلب نجدتهم وأنه يوشك أن يقتل !!! ولكن رجال الأمن أخبروه بأنهم لا يقدرون الآن حالا على الدخول للسلمانية وأن هذا يحتاج بعض الوقت وأن عليه أن يسايرهم، ولهذا رجوت الأخ المصور هذا أن يتوجه فور خروجه من السلمانية إلى رجال الأمن ليخبرهم بأن المسألة تم حلها وديا وأنه يمكن حل باقي المشاكل كذلك، وقد وعدني الرجل بأن يذهب فورا إلى الأمن لإحاطتهم بالأمر، وقد تأكد لي عبر التواصل بالهاتف أنهما قد خرجا بسلام وأن المصور قد أبلغ رجال الأمن بأنه تم تسوية المسألة.

قلت في نفسي حينها : لو كان هؤلاء المنظمون ينوون شرا من اعتقال وارتهان لأحد لما تركوا هذين الرجلين، أو لكان أقل شيء أن يصيبهما ما أصاب الطالب خالد السردي في جامعة البحرين، ولكني لا أجد تفسيرا لهذا التصرف من الصددي ومن معه إلا أن أكثر الحوادث المؤسفة هي تلك التي يأخذ الزمام فيها مجموعة من الصبيان أو الشباب الطائش دون العقلاء والناضجين من الرجال.

خبر المداهمة يتأكد :

بعد وقت قليل شاع الخبر في كل أرجاء البحرين بأن مداهمة السلمانية وشيكة، خلال ساعات قادمة، وجاءتنا اتصالات من بعض الأقارب بضرورة مغادرة السلمانية، بل طار الخبر إلى لندن فجاءني اتصال من أخي محمد وهو في شيفيلد بضرورة مغادرة السلمانية فورا !!

أذكر حينها أنني اتصلت بالمستشفى العسكري وطلبت منهم إرسال سيارة إسعاف لنقل الأهل، ولكنهم اعتذروا عن ذلك ! وكان اعتذارهم منطقيا في ظل تلك الظروف.

وباستشارة الطبيبة حول إمكانية الخروج الليلة حذرتنا من ذلك وأن الخروج الآن خطر صحيا وليس قبل يوم غد !!

عزاؤنا الوحيد في تلك الأوقات الصعبة التوكل على الله، وأننا لسنا وحدنا بل معنا العديد من العوائل والمرضى الذين ينتظرون المستقبل المجهول ..

عند أسوار السلمانية :

في هذه الأثناء وفي حدود الساعة التاسعة ليلا كانت لي خرجة سريعة لبعض الحاجات ولتقريب السيارة من موقف بوابة (6) فلاحظت أن الأنوار أطفئت في السلمانية عند قسم الطوارئ، واندفع كثير من الشباب المتجمهر إلى سياراتهم يخرجون عائدين إلي بيوتهم أو متجهين إلى الدوار، وبقيت منهم أعداد توزعت على البوابات يحملون الهراوات والأخشاب، وقد شاهدت حينها بعض تلك الأدوات كالمناشير والمناجل وبعض السيوف وقضبان الحديد المستعملة في البناء، في زواية من زوايا بوابة (6) من خارج السور، كما توجد بعض الزجاجات المغطاة بقطع القماش أو الخيش، والمسماة بالملوتوف مسندة إلى الجدار الخارجي للسلمانية وبعضها كان على الأرصفة الخارجية عند الموقف الكبير، ولم أشاهد تلك الليلة أي قطعة سلاح حربي كالبنادق والمسدسات والرشاشات في يد أحد مطلقا، وكنت قلت في نفسي إن كان ثم شيء من ذلك فسيخرج هذه الليلة أو غدا ..
وأظن أنه في هذه الليلة تم سد بعض البوابات بالشاحنات التي تحمل سيارات الإسعاف، كما شرعوا في وضع المتاريس في الطرقات هي عبارة عن حاويات القمامة وبعض الحواجز المعدنية وغيرها .. وعندما سألت بعض هؤلاء الشباب عن سبب هذه الاستعدادات أجابوني بأن (بلطجية النظام) سيهاجمون السلمانية الليلة !!
من خلال محاولتي لاستيعاب ما يدور حولي ترجح لدي أن سبب حراستهم للأبواب كان وجود أعداد من أصحابهم جرحى يرقدون في السلمانية وهم بهذا التصرف ينوون حمايتهم من دخول رجال الأمن للقبض عليهم، والظاهر أنهم كانوا يتوقعون دوريات قليلة يمكن صدها، أو كانوا يعلمون أن مآلهم الفرار لكن الفرار المبكر ليس من المروءة، والله أعلم.

أما خارج أسوار السلمانية فقد عم الظلام والهدوء القاتل إلا من الرياح الذارية للتراب والغبار، وخلت الشوارع المحيطة بالسلمانية وامتد هذا الهدوء والخلو إلى حدود العدلية، وأغلقت المحلات والمتاجر ولا تكاد ترى شيئا منها مفتوحا إلا القليل جدا بقرب شارع الفاتح.

صراع القلب والعقل في جلسة عائلية :

عدت لأتجاوز المتاريس وأصل إلى بوابة (6) داخلا السلمانية، وبعد أن حملق الشباب في ألفوا المنظر فأوسعوا لي لأدخل، وفي الأعلى في غرفتنا الخاصة كان علي أن أختار أحد أمرين الآن:

إما أن أبقى هذه الليلة الصعبة مع أسرتي ـ وهو حكم القلب وقضاؤه ـ وإما أن أخرج تاركا أسرتي في السلمانية ـ وهو حكم العقل ـ عائدا إلى البيت، أما الخيار الأول فهو ما تميل إليه النفس السوية والفطرة الطبيعية، ولكن العقل لا يرى البقاء لأن الأمن إذا دهم السلمانية فسيكون كل من هو داخل أسوار السلمانية من الرجال غير المرضى والأطباء محل شك وريبة ولن يقبل له قول أو يسمع له رأي، وأما لو خرجت فيمكنني من الخارج أن أتصرف، وإذا تحدثت إلى رجال الأمن قادما من الخارج فلعل الأمر يكون أكثر قبولا لديهم هكذا يقول العقل، وهو ما ترجح بإجماع الأسرة، وبعد أن تقدم الليل بسواده واستسلم كل ناعس إلى رقاده وبعد أن بقي على بزوغ الفجر أقل الليل نهضت أنا ووالدتي لنعود إلى البيت بعد تأمين الاتصالات والهواتف اللازمة للتواصل مع باقي الأهل أولا بأول عندما يجد أي جديد .. خرجت من السلمانية والمرارة تملأني والحزن يلفني والله تعالى خير حافظا وهو أرحم الراحمين. (تابع الحلقة السادسة والأخيرة)




  

هناك تعليقان (2):

  1. أستاذي الكريم

    مقولة (لقد خرج الأمر من أيدينا) هذا ما تحارب من أجله المعارضة البحرينية، وهو الحفاظ على سيادة البلد التي اُنتهكت عبر تسليم الأمور إلى قوات غير بحرينية، وهذا هو أخطر ما في الموضوع..

    خرج الأمر من يد السلطة في السلمانية، ومنذ أن خرج منها، لم يرجع لحد الآن، الأمر الآن ليس بيد السلطة، (..)والمعارضة أبدت وطنيتها الخالصة وأثبتت أن من يدير الإشاعات حول تدخلات خارجية هو من يُجري هذه التدخلات بجيوش وعساكر!

    الأمر خرج من أيدينا يا أستاذ
    (..) سلّم الوطن إلى جهات خارجية
    هذا هو الواقع أستاذي العزيز

    شكراً جزيلاً لك على نقل الحقائق

    ردحذف
    الردود
    1. تختلف الآراء السياسية ومذاهبها، ولست أحب هذا الاتجاه، ولكنني لم أشاهد أي قوات أجنبية أو خارجية أثناء اقتحام السلمانية، والله تعالى أعلم.

      حذف