السبت، 2 أبريل 2016

براءة السيد عبد الجليل الطباطبائي الشافعي وجمهور أهل السنة من تكفير الشيعة (3)

بسم الله الرحمن الرحيم

وهذا الآن القسم الثالث المتعلق بمواطن الإشكال لدى السائلين، ونعتذر سلفا أشد الاعتذار من القارئ لأن هذا القسم قد طال جدا حتى صار كأنه كتيب صغير، فمن أراد معرفة الحقيقة فليصبر نفسه معنا إلى آخر الكلام، والله الموفق.

القسم الثالث : (في إزالة الإشكال وبيان أن عبارة المؤلف دقيقة، وأنه على صواب في اختيارها، وبيان خطورة الخلط بين المصطلحات العلمية أو استغلال جهل العامة بها)

فنقول وبالله التوفيق :

الشيعة فرق كثيرة لا فرقة واحدة :

اعلم أيها القارئ أن التشيع لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب وآل البيت رضوان الله عليهم لم يستمر على مهيع ومسلك واحد منذ ظهوره في القرن الأول الهجري وإلى الآن .. بل مر بمراحل كثيرة وظروف مختلفة، وتشعب إلى فرق ومقالات متفاوتة، فكان منها المعتدل المقتصد، وكان منها المغالي المبالغ النائي عن مبادئ الإسلام .. وهذه حقيقة يعرفها العلماء من السنة والشيعة معا لا ينكرونها .. وقد كتب عن هذه الفرق كثيرون من علماء الكلام المتخصصون في هذا الجانب، فمن أهم الكتب وأدقها في هذا العنوان عند أهل السنة والجماعة كتاب : (مقالات الإسلاميين) لإمام أهل السنة والجماعة أبي الحسن الأشعري المتوفى سنة 324هـ  ..


ومن أهم الكتب وأوسعها في بيان مقالات الشيعة وفرقهم عند الشيعة الإمامية كتاب : (فرق الشيعة) للحسن بن موسى النوبختي المتوفى سنة 310هـ  ـ وهو من الشيعة الإمامية ـ وقد طبع كتابه هذا مرات وحظي بتحقيق عالمين من أشهر علماء الشيعة هما : هبة الدين الحسيني الشهرستاني، و محمد صادق بحر العلوم ..



نعم إن أكبر فرق الشيعة منذ زمن إلى اليوم هي فرقة الإمامية الاثناعشرية، لكنها ليست وحدها التي تستحق لقب التشيع، كما أنه قد انضوى تحتها بقايا من تلك الفرق الأخرى واختلطوا بها ممن يستحقون لقب (رافضة) وكان لهم تأثير سلبي على سمعة الفرقة الأم، فمن أراد التعرف على فرق الشيعة ومقالاتهم والتوسع في ذلك فعليه بهذين الكتابين.

مراتب التشيع عند علماء أهل السنة والجماعة :

وعلماء أهل السنة والجماعة يعلمون مسألة افتراق الشيعة إلى فرق، ويعلمون أنهم متفاوتون في مقالاتهم، ويميزون بينها ويصنفون في ذلك، ومن رجع إلى كتب المقالات ككتاب (مقالات الإسلاميين) للإمام الأشعري رأى أسماء هذه الفرق، وشرح مقالاتها ووجد أن الإمامية الاثناعشرية لم تدرج ضمن فرق (الغلاة)، قال الأشعري في مقالاته : ((فالشيع ثلاثة أصناف، وإنما قيل لهم الشيعة لأنهم شايعوا عليا رضوان الله عليه ويقدمونه على سائر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمنهم : (الغالية) وإنما سموا الغالية لأنهم غلوا في علي وقالوا فيه قولا عظيما، وهم خمس عشرة فرقة ..))
ثم عدَّ الإمام الأشعري تلك الفرق وشرح مقالاتهم ونحن نقتصر هنا على أسمائها : البيانية، الجناحية، الحربية، المغيرية، المنصورية، الخطابية، المعمرية، البزيغية، العميرية، المفضلية، الحلولية، و الشريعية، السبئية، والمفوضة.
فهذه الفرق كلها من الفرق الغالية الخارجة عن الإسلام عند السنة والشيعة معا، وقد عدها الأشعري كما ترى ولم يذكر من بينها الإمامية الاثناعشرية، ثم عد الأشعري باقي فرق الشيعة التي ليست من الغلاة، ـ فليست بخارجة عن الإسلام ـ فذكر من بينها الإمامية الاثناعشرية لكن سماها (القطعية) قائلا:
((وإنما سموا قطعية لأنهم قطعوا على موت موسى بن جعفر بن محمد بن علي، وهم جمهور الشيعة)) اهـ

وكما لم يذكر الأشعري الاثناعشرية ضمن الغلاة بل فَرَّق بينهم وبين الغلاة، فكذلك فعل من صنف في الفرق من بعده كالإمام عبد القاهر بن طاهر البغدادي في (الفَرْق بين الفِرَق) والإسفراييني في (التبصير في الدين) والشهرستاني في (الملل والنحل) وهكذا إلى الفخر الرازي في (اعتقادات فرق المسلمين والمشركين) وغيرهم، تزيد تلك الفرق وتنقص عندهم بحسب التقصي والاجتهاد.
فعلماء أهل السنة يعطون كل فرقة من الفرق حكمها الخاص بها، وربما قسموا الفرقة الواحدة إلى عدة فرق، والخلاصة أن مراتب التشيع عند أهل السنة متعددة ولكن يمكن القول ـ من باب الاختصار ـ أنها تتلخص في أربع :

الأولى : التشيع بلا غلو، وحكم أهله أنهم مسلمون مندرجون ضمن أهل السنة.

الثانية : التشيع مع غلو يسير، وحكم أهله أنهم مسلمون خارجون عن أهل السنة.

الثالثة : الرفض. وحكم أهله أنهم مسلمون خارجون عن أهل السنة، ما لم يصل حالهم إلى تكفير الصحابة كأبي بكر وعمر وعثمان .. وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم .. فإن وصل حالهم إلى التكفير  فجمهور الفقهاء أنهم مسلمون ـ شأنهم شأن الخوارج المكفرين لعثمان وعلي ومعاوية وعمرو ومن معهم ـ وذهب بعض الفقهاء وأهل الحديث إلى أنهم كفار هم والخوارج لتكفيرهم كبار الصحابة، ففيهم قولان، والمعتمد هو الأول وهو عدم التكفير لأنه قول جمهور الفقهاء والعبرة بقولهم في هذه القضايا.

الرابعة: الغلو في الرفض. وحكم أهله أنهم خارجون عن الإسلام غالبا، لكن بعض مقالات الغلو لا توجب الخروج عن الإسلام فكل مسألة ولها حكمها، ويتفق أهل السنة مع الشيعة الإمامية في إكفار هؤلاء وإخراجهم من الملة لبشاعة أقوالهم غالبا.
ومن الضروري جدا الانتباه إلى مشكلة التداخل بين هذه المصطلحات ـ عند عدم التدقيق ـ فربما أطلق بعض أهل العلم (الشيعة) وهو يريد (الغلاة) وربما أطلق بعضهم (الرافضة) وهو يقصد (الغلاة) فهذا أمر يجب الانتباه إليه وكشفه بالقرائن والسياقات.
  
من مقالات فرق الشيعة الغُلاة :

وحتى يكون القارئ على بينة من أمره ـ وهو يتساءل عن ماهية الغلو ـ فلا بد أن يتعرف على بعض المقالات الفاسدة التي تصل بأصحابها إلى مرتبة الغلو، فمن هذه المقالات : دعوى الإلهية والربوبية أو النبوة في بعض أهل البيت أو بعض المنتسبين إليهم، أو دعوى حلول الخالق فيهم ـ سبحانه وتعالى ـ أو أنه سبحانه فَوَّض إليهم شؤون العالم والرزق والإحياء والإماتة، أو أن جبريل خان الأمانة ونزل بالرسالة على محمد صلى الله عليه وسلم بدلا من علي الذي هو أحق بها، أو الإباحية !! إلخ تلك المقالات التي أجمع المسلمون شيعة وسنة وغيرهم على كفر معتنقها وخروجه من الملة الإسلامية باعتناقها.
وأهل السنة والجماعة يطلقون على هذه الفرق لقب (الغلاة) وربما قالوا (غلاة الرافضة)، أو يسمونهم بأسمائهم التي تقدمت ..
والشيعة الإمامية الاثناعشرية كذلك يسمون هذه الفرق (الغلاة) و(الغالية) ويسمونهم بالأسماء المتقدمة، ويسمونهم أيضا بأسماء أخرى كذلك كـ (المُفَوِّضة) و (المُخَمِّسة) و (الطيَّارة) و (العَليائية) .. بالإضافة إلى فرق ظهرت مؤخرا في عهد السيد عبد الجليل الطباطبائي سيأتي ذكرها.

موقف الإمامية الاثناعشرية من الغلاة :

الحق الذي لا شك فيه، ولا خفاء على مطلع أن الإمامية الاثناعشرية لا يقلون عن أهل السنة شدة في مواجهة الغلاة، ونصوصهم في ذلك كثيرة، واضحة صريحة، فلا بد من التعريج على أمثلة صارخة منها:

موقف أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه:

روى الكليني في الكافي :
((عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن ‌أبي ‌عمير عن هشام بن سالم عن أبي‌عبد الله عليه‌السلام قال : أتي قوم أمير المؤمنين عليه ‌السلام فقالوا: السلام عليك يا ربنا، فاستتابهم فلم يتوبوا، فحفر لهم حفيرة و أوقد فيها نارا وحفر حفيرة أخري إلى جانبها و أفضي ما بينهما، فلما لم يتوبوا ألقاهم في الحفيرة و أوقد في الحفيرة الأخرى حتى ماتوا))
وهذه الفرقة التي صنع أمير المؤمنين بها ما صنع هي فرقة (السبئية) والحكاية عنه مع السبئية مشهورة معروفة لدى الفريقين وغيرهم مع بعض اختلاف في تفاصيلها، وهذه الرواية هنا تدل على أنه قتلهم خنقا بالدخان تطبيقا لحد الردة فيهم.

روى الطوسي في (المجالس) وغيره :
((عن الأصبغ بن نباتة قال: قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : اللهم إني بريء من الغلاة كبراءة عيسي بن مريم من النصاري اللهم اخذلهم أبدا و لا تنصر منهم أحدا))

موقف الإمام أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق رضي الله عنه 148هـ :

ورد عنه في تكفيرهم ولعنهم ـ خصوصا من يسمى بشار الشعيري ـ روايات ذكرها الطوسي في كتابه (اختيار معرفة الرجال) في ترجمة بشار كقوله :
((عن المدايني، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال لي: يا مرازم من بشار؟ قلت بياع الشعير، قال: لعن الله بشارا، قال، ثم قال لي: يا مرازم قل لهم: ويلكم توبوا إلى الله فإنكم كافرون مشركون((

قال الطوسي :
((ومقالة بشار هي مقالة العلياوية .. فوافقوهم في الإباحات والتعطيل والتناسخ ...))

وروى الطوسي في الأمالي عن الصادق :
((عن فضيل بن يسار قال: قال الصادق عليه السلام: احذروا على شبابكم الغلاة لا يفسدونهم، فإن الغلاة شر خلق الله، يُصَغِّرون عظمة الله، ويَدَّعون الربوبية لعباد الله، واللهِ إن الغلاة شر من اليهود والنصارى والمجوس والذين أشركوا((

موقف الإمام أبي الحسن علي بن موسى الرضا رضي الله عنه 203هـ :

فقد أخرج ابن بابويه القمي الشهير بالصدوق في (عيون أخبار الرضا) هذا الخبر :
((عن أبي هاشم الجعفري قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن الغلاة والمفوضة فقال : الغلاة كفار والمفوضة مشركون، من جالسهم أو خالطهم أو واكلهم أو شاربهم أو واصلهم أو زوجهم أو تزوج إليهم أو أمنهم أو ائتمنهم على أمانة أو صدق حديثهم أو أعانهم بشطر كلمة خرج من ولاية الله عز وجل وولاية رسول الله صلى الله عليه وآله وولايتنا أهل البيت))

ونقل هذا الخبر وغيره كثيرون من علماء الإمامية تحت عناوين مختلفة حول الغلو والغلاة، أو عناوين الدفاع عن الإمامية ضد من رماهم بالغلو.

وقال الشيخ الصدوق في كتابه (الاعتقادات في دين الإمامية) ما نصه :
(((.. اعتقادنا في الغلاة والمفوضة أنهم كفار بالله تعالى، وأنهم أشر من اليهود والنصارى والمجوس والقدرية والحرورية ومن جميع أهل البدع والأهواء المضلة ..))اهـ

ويقول ملا باقر المجلسي في بحار الأنوار :

((اعلم أن الغلو في النبي والأئمة عليهم السلام إنما يكون بالقول بألوهيتهم أو بكونهم شركاء لله تعالى في المعبودية أو في الخلق والرزق أو أن الله تعالى حل فيهم أو اتحد بهم، أو أنهم يعلمون الغيب بغير وحي أو إلهام من الله تعالى أو بالقول في الأئمة عليهم السلام أنهم كانوا أنبياء أو القول بتناسخ أرواح بعضهم إلى بعض، أو القول بأن معرفتهم تغني عن جميع الطاعات ولا تكليف معها بترك المعاصي.
والقول بكل منها إلحاد وكفر وخروج عن الدين كما دلت عليه الأدلة العقلية والآيات والاخبار السالفة وغيرها، وقد عرفت أن الأئمة عليهم السلام تبرؤوا منهم وحكموا بكفرهم وأمروا بقتلهم، وإن قرع سمعك شئ من الاخبار الموهمة لشئ من ذلك فهي إما مأولة أو هي من مفتريات الغلاة ..)) اهـ

وجمع محمد بن حسن المعروف بالحُرّ العاملي 1133هـ  في كتابه (إثبات الهداة) الأخبار الواردة في ذم الغلاة وتكفيرهم حتى أنهاها إلى ما يزيد على مائة خبر، ولعله أجمع شيء في باب ذم الغلو والغلاة.

وجمع الأخبار ونصوص علماء الإمامية في هذا الموضوع لا يفي به إلا كتاب ضخم لا يحتمل هذا المقال عشره، فنكتفي بهذه النصوص هنا.

الشيعة الإمامية يشتكون من خلطهم بالغلاة:

لقد شكى الشيعة الإمامية عبر التاريخ من أن بعض كتاب المسلمين من أهل السنة وغيرهم يخلطونهم بغيرهم وينسبون إليهم ما قاله غيرهم، ويناشدون العالم الإسلامي التمييز بينهم وبين غيرهم ..

والحقيقة أن ذلك لم يقع من المحققين من علماء الإسلام وإنما يقع من غيرهم أو من بعض الكتاب والأدباء وأصحاب الصحف والأقلام المشهورة دون علم ولا تحقيق، وأما المحققون من أهل العلم فيعلمون حقيقة الأمر وجليته، ولكن الصوت العالي تكون له الغلبة دائما، وسأستعرض هنا بعض الأمثلة لشكاية الشيعة الإمامية من ذلك :

شكاية المرجع الشيعي شرف الدين الموسوي:

عبد الحسين شرف الدين الموسوي عالم معروف جدا من الإمامية وصاحب أشهر كتب الدعاية الشيعية في القرن الأخير ـ المراجعات ـ قال في كتابه: (الفصول المهمة) معلقا على عبارة الإمام الشافعي : "أقبل شهادة أهل البدع إلا الخطابية" فعلق السيد شرف الدين بقوله :

((الخطابية أصحاب أبي الخطاب محمد بن مقلاص الأجدع عليه وعليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، كان قبحه الله مغاليا في الصادق (ع) فاسد العقيدة خبيث المذهب لا ريب في كفره وكفر أصحابه، وقد تبرأ منه الصادق عليه السلام ولعنه وأمر الشيعة بالبراءة منه وشدد القول في ذلك وبالغ في التبرء منه واللعنة عليه .. ولهذا الكافر بدع كثيرة .. وقد نسب الجاهلون هذه البدعة إلينا .. )) اهـ.

وقال شرف الدين أيضا في (الفصول المهمة) موضحا أسباب الخلط بين الشيعة الإمامية وغيرهم :

((القسم الثالث : طائفة قد التبس الأمر عليهم، لأن اسم (الشيعة) غير خاص بالإمامية، بل مشترك بينها وبين فرق كثيرة، كالآغاخانية، والكيسانية، والناووسية، والخطابية، والفطحية، والواقفة وغيرها، فربما وجدوا أقوالا منكرة ومذاهب مكفرة لإحدى تلك الفرق الضالة التي يطلق عليها لفظ الشيعة فظنوا أنه مذهب الجميع فأرسلوه عنهم إرسال المسلمات، وأعانهم على ذلك وغر في صدورهم وغيظ في نفوسهم يمنعانهم عن التثبت في النقل .. فلم ينسب غيرهم مقالة الخطابية والناووسية مثلا إلى مطلق الشيعة يا منصفون؟!!)) اهـ.

شكاية المرجع الكبير محمد صادق بحر العلوم :

يقول محمد صادق بحر العلوم ـ من كبار علماء الإمامية الاثناعشرية ومحققيهم ـ في تنبيهه في مقدمة كتاب (فرق الشيعة) للنوبختي ما صورته:

((وعلى تقدير وجود شيء من هذه الفرق فالإمامية لا تشك في بطلانها وكفر كثير منها كالنصيرية وغيرهم، فمن يحاول البحث مع الإمامية أو يتحرى الوقوف على معتقداتهم فليراجع كتبهم الخاصة لسرد عقائدهم وإثبات تعاليم أئمتهم عليهم السلام لا غيرهم الذين هم منهم برآء فيشن عليهم الغارات بما اقترف غيرهم من الآثام .. وأما الغلاة فهم عندنا كفار))اهـ كلامه

شكاية ونداء المرجع محمد بن محمد مهدي الخالصي :

وهو من كبار مراجع الشيعة ومناضليهم في القرن الماضي وكان ذا جد في محاربة الغلو، قال في كتابه (خرافات الشيخية وكفريات إرشاد العوام) :
((إلى الأمة الإسلامية عامة وإلى كتاب وأدباء مصر خاصة : أيها الإخوان المسلمون، يا أبناء العروبة، اعرفوا إيران والإيرانيين، ولا تخدعنكم دسائس المدلسين، إن جميع الإيرانيين .. مسلمون على مذهب الشيعة الاثني عشرية، متمسكون بالتوحيد الخالص لا يتجاوزون صراحة الآيات القرآنية والأحاديث الصحيحة، لأنهم يعلمون أنها مطابقة للعقول السليمة والفطر المستقيمة، وإنهم يحكمون بأن جميع الغلاة كفار مشركون أنجاس مهدرو الدم.
وقد جاء إلى إيران في الأيام الأخيرة رجل يدعى الشيخ أحمد الأحسائي .. تظاهر بالإسلام والإسلام بريء منه، وآخر يدعى السيد كاظم الرشتي وهو تلميذ ذلك .. فأشاعا الغلو في إيران بواسطة تلميذين للسيد كاظم الرشتي، فنتج من ذلك الغلو طائفتان : إحداهما تعرف بـ (الشيخية) وعميدها رجل يسمى (حاج كريم خان الكرماني) وثانيتهما اشتهرت بـ (البابية) وزعيمها رجل يعرف بـ (ميرزا علي محمد الباب).
وغاية هؤلاء من هذه الدعوة إيجاد الاضطراب بين الإيرانيين وتفريق كلمتهم، وفصل إيران عن بقية البلاد الإسلامية بالرغم من أن هاتين الطائفتين على غاية من الأقلية، وقد حكم الإيرانيون عامة بنجاستهما وكفرهما وشركهما، وليس من الحق والنصف بعد هذا كله أن يخدع مسلمو العالم بهذه الدسيسة ويتهموا جميع الإيرانيين بالكفر في حين أن الإيرانيين إن لم يكونوا في أمر التوحيد الخالص ومكافحة الغلو أحرص من سائر المسلمين فليس بأقل منهم، فلماذا إذا وكيف ساغ أن تكيلوا إليهم هذه التهم وهم إخوانكم وشركاؤكم في عقيدة التوحيد والنبوة؟ وكان جديرا بكم أن تكونوا وإياهم يدا واحدة على من يسعى لتفريق كلمة المسلمين وتبديد جمعهم، وفي طليعتهم الشيخية والبهائية لأنهما عدوان لدودان للمسلمين عامة والإيرانيين خاصة وذلك لجدهم وسعيهم في أن تفقد إيران استقلالها وتكون مستعمرة للأجانب .. )) إلى آخر كلامه وهو صريح في البراءة من الغلو والشكوى من خلط المعتدلين بالغلاة، نقلناه من كتاب (حقيقة الشيعة والتشيع) لهاشم الدباغ.

شكاية محمد الرضي الرضوي :

شكا في كتابه (كذبوا على الشيعة) من نفس المشكلة قائلا :
((الشيعة يبرؤون من الغلاة ويلعنونهم لعن الذين كفروا بل أشد منه تبعا لأئمتهم عليهم السلام، وهم يعدونهم أضل من اليهود والنصارى والمجوس ولهم في الطعن بهم والبراءة منهم عدة مؤلفات أكثروا فيها من النكير عليهم .. كيف جرأ هذا الكاذب فافترى على الشيعة بما لم يقل به أحد من الناس أجمعين فضلا عن المسلمين .. أما استحى هذا الكذاب من الإتيان بهذه الترهات ونسبة هذه الخرافات إلى الشيعة شيعة رسول الله صلى الله عليه وآله وأهل بيته الطاهرين (ع) وهذه كتبهم الاعتقادية سهلة التناول، وعلماؤهم الأعلام بمقربة منه..)) هذا كلامه ردا على بعض الكتاب ممن خلطوا والتبس عليهم الأمر.

شكاية الخطيب الشهير أحمد الوائلي :

شهرته تغني عن التعريف به، وهو يقول في كتابه : (هوية التشيع) ردا على الأستاذ فرغل الذي التبس عليه الأمر فخلط الإمامية بغيرهم ما نصه :

((اعتبر الأستاذ فرغل روايات الشيعة بأنها مناخ صالح للغلو، وأريد أن أشرح للأستاذ فرغل موقف الشيعة من الغلو والغلاة ... فإذا كان بعض الشيعة في يوم من الأيام غالى بالإمام علي لقلعه باب خيبر فليس كل الشيعة كذلك، وإذا كان شخص قال لعلي وهو يخطب أنت أنت فليس كل الشيعة كذلك .. موقفنا من الغلو والغلاة وبعد شرح مناشئ الغلو أو أهمها نقول:
إن الشيعة تبعا لمواقف أئمتهم وقفوا موقفا حازما من الغلو والغلاة فسلطوا عليهم الأضواء وتبرأوا منهم وكافحوهم وشهروا بهم، وهم بذلك لا يتعدون موقف أمير المؤمنين (ع) حينما يقول: " هلك فيّ اثنان: محب غال، وعدو قال " وموقف الإمام الصادق (ع) حينما يقول: " ما نحن إلا عبيد الذي خلقنا واصطفانا، والله ما لنا على الله من حجة ولا معنا من الله براءة، وإنا لميتون وموقوفون، ومسؤولون، من أحب الغلاة فقد أبغضنا، ومن أبغضهم فقد أحبنا، الغلاة كفار والمفوضة مشركون، لعن الله الغلاة ألا كانوا نصارى ألا كانوا قدرية ألا كانوا مرجئة ألا كانوا حرورية "

والإمامية لا يورثون الغلاة ..كما أن الإمامية لا يغسلون موتى الغلاة ولا يدفنونهم ويحرمون تزويجهم وإعطائهم الزكاة، وتجد هذه الأحكام موزعة في كتب فقه الإمامية في أبواب الطهارة والزكاة والإرث، إن الإمامية لا يعتبرون الغلاة مسلمين:
يقول الشهيدان الأول والثاني في اللمعة وشرحها في باب الوقف! عند تعريف المسلمين:
"والمسلمون من صلى إلى القبلة أي اعتقد الصلاة إليها وإن لم يصل لا مستحلا، إلا الخوارج والغلاة فلا يدخلون في مفهوم المسلمين وإن صلوا إليها للحكم بكفرهم"  .. )) انتهى المطلوب من كلام الوائلي.

ونصوصهم في هذا المعنى لا تحصى، وتحتمل مجلدا ضخما، ولا قبل لنا هنا بأكثر من ذلك.

السيد عبد الجليل الطباطبائي عاصر ظهور الغلاة :

عاصر السيد عبد الجليل ظهور الشيخ أحمد بن زين الدين الأحسائي وأصله من الشيعة الإمامية، ولكنه  تكلم ببعض المقالات التي أثارت الشيعة الإمامية بحيث اختلفوا في مقصده فنسبه بعضهم إلى الغلو، وسموه وأصحابه بـ (الشيخية) بينما دافع عنه آخرون وزعموا أن منشأ الغلو ليس منه بل من أصحابه وأشهرهم كاظم الرشتي، وبعد وفاة الأحسائي سنة 1241هـ  تصدر الرشتي المشهد ـ والسيد عبد الجليل حاضر يسمع ويراقب ـ وكاد الرشتي أن يقتل بسبب بعض ظاهر مقالاته لولا اختلاف مراجع الشيعة في شأنه، فأفتى بعضهم بكفره وردته ووجوب قتله، وتوقف آخرون في أمره، وتوفي الرشتي سنة 1259هـ  ـ في حياة السيد عبد الجليل ـ قيل مسموما، فبرز بعد وفاة الرشتي أحد تلاميذه والمتأثرين به وهو : (علي محمد رضا الشيرازي) زعيم الفرقة (البابية) وله مقالات غاية في الغلو من دعوى النبوة فالإلهية والحلول والإباحية وغير ذلك، وقد جهر بدعوته سنة 1260هـ  ـ قبل وفاة السيد عبد الجليل بعشر سنوات ـ وقد كثر أتباعه وصار لهم تعاون مع القوى الغربية لتمكينهم، وثار عليه الشيعة الإمامية وعلى أتباعه، وصدرت في حقه وفي حق أتباعه فتاوى التكفير القوية، وآل أمره إلى أن قبض عليه وسجن، وأعدم سبعة من أتباعه في طهران، ثم أعدم هو رميا بالرصاص مع اثنين من أتباعه في تبريز بحد الردة والزندقة سنة 1266هـ .

السيد عبد الجليل يشير إلى البابية الغلاة :

لقد عاصر السيد عبد الجليل ظهور هذه الفرق الجديدة التي تنتسب إلى التشيع ومن ألقابها : (الشيخية) (الرشتية) (الكشفية) (الركنية) ثم (البابية) وكلها تنسب إليها مقالات غاية في القبح والبشاعة التي لا تحتملها أسماع المؤمنين، ومع أن الشيخية والرشتية يتبرؤون من الغلو ويؤولون العبارات المنسوبة إليهم إلا أن (البابية) وهي أم (البهائية) كانت غاية في وضوح الكفر والإلحاد والزندقة بلا شك.
يلاحظ في تاريخ نسخ كتاب القول الحسن للسيد عبد الجليل أنه سنة 1268هـ  على يد تلميذه محمد بن سعد في حياة شيخه، ويأتي هذا التاريخ بعد إعدام الزنديق علي محمد رضا الشرازي زعيم البابية سنة 1266هـ  وهذا يدل على أن السيد ألف كتابه قبل هذا التاريخ بمدة يسيرة، وتراه يقول في كتابه هذا ص 34 من طبعتنا ما نصه :

((وأشد أهل البدع اليوم في زماننا وأضلهم، بدعة الرَّافضة، فإنها بدعة قبيحة شنيعة، وقد عمّت وطمّت، وتَنَوُّع ضلالاتهم، وفسادُ عقائدهم، وأكاذيبهم، وتحريفهم معاني كتاب الله، وما أنزل به ، وحمله على ضلالتهم أمر مشهور .. وذهب جمع من أهل العلم إلى تكفير غلاة الرافضة بتكفيرهم أعلام الصَّحابة ..))
فانظر إلى قوله : (اليوم في زماننا) ثم قوله (غلاة الرافضة).

ويقول السيد في ص37 :
((أقول: ولا يبعد أن من توقف من أهل العلم عن تكفير غلاة الرَّافضة، على ما صاروا إليه الآن من إحداث القبائح الشَّنيعة الفظيعة، الجزم بتكفيرهم من غير تردد.))

فانظر أيضا هنا إلى قوله : (ما صاروا إليه الآن) فهو يتحدث عن وقته الذي ظهرت فيه الغلاة وأشهرهم البابية، وانظر إلى قوله : (غلاة الرافضة).

فباستعمال السيد عبد الجليل كلمة (الغلاة) وإضافتها إلى (الرافضة) التي هي أسوأ مراتب التشيع لا يبقى مجال للقول بأنه يقصد التشيع المقتصد أو الغلو الخفيف في التشيع، أو الرافضة المجردة من الغلو، فضلا عن أن يقصد الإمامية الاثناعشرية، لأن الإمامية الاثناعشرية موجودة منذ زمن قبل مولد السيد بقرون، وهو رحمه الله يقيد كلامه بـ (اليوم) و(الآن) بعد سنتين من إعدام زعيم البابية في تبريز، والإمامية هم من أعدموا هذا الزنديق وأنفذوا فيه حد الردة ونعم ما صنعوا.
فلا مستمسك على المؤلف بعد تقييده بالغلاة ولا مطمع في الدفاع عن الغلاة إلا أن يكون المدافع ممن يميل بهواه إليهم ولا يقدر على التصريح بذلك.

الكلام على حديث "فاقتلوهم فإنهم مشركون" :

لا بد من التنبيه بأنني لم أكتب هذا المقال لمجاملة الغلاة لعنهم الله، أو لاسترضاء العلمانيين هنا في البحرين الذين لا تعجبهم أحكام الشريعة الإسلامية، مهما بلغ رأس العلماني من الانتفاخ .. وإنما الكلام مع المسلمين من الشيعة الإمامية فقط، فلهؤلاء أقول: إن هذا الحديث ـ محل الاستشكال ـ ورد بالنص التالي :

((عن علي ـ رضي الله عنه ـ قال: قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ:" إنَّك وشيعتك في الجنَّة، وسيأتي قوم لهم نبز، يقال لهم الرَّافضة، فإذا لقيتموهم، فاقتلوهم، إنَّهم مشركون)) اهـ.

ولنا على هذا الخبر أجوبة :

الجواب الأول : أنه خبر ضعيف الإسناد، ويتعارض مع مسلك جمهور فقهائنا، فلا يجوز أن تنبني عليه أحكام الحلال والحرام فضلا عما يتعلق بالدماء.

الجواب الثاني : أنه على فرض صحته فله تأويلات نكتفي باثنين منها :
التأويل الأول :
أن المقصود بالرافضة فيه هم الغلاة، وحيث صح أن الغلاة كفار مشركون فلا إشكال في قتالهم، لأن قوله (إذا لقيتموهم) أي في الحرب، وهذه العادة أن يستعمل (اللقاء) للحرب كما في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ) وقوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) وقوله تعالى : (فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ..) الآية.
فالمقصود اللقاء في الحرب وليس أن يلقى مسلم واحدا منهم في الطرقات فيأخذه ويقتله، كلا، ومعنى الحديث على هذا أنكم إذا اضطررتم لحرب هؤلاء فلا تترددوا في قتالهم كما يتردد المسلم في قتال المسلم وقتله كما في قوله تعالى : (لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ) بل هؤلاء مشركون فقاتلوهم قتال المشركين لا قتال المسلمين، لأن قتال البغاة من المسلمين له أحكام تختلف عن قتال المشركين.

التأويل الثاني :
 وجائز أن يكون معناه أنهم إذا ظهروا فيكم وأعلنوا غلوهم وكفرهم فاحملوهم إلى ولي الأمر والحاكم والقاضي لينظر في أمرهم فيستتيبهم فإن تابوا وإلا قتلهم، فقوله : (فاقتلوهم) متوجه إلى حكام المسلمين وولاة الأمر، وذلك بعد الاستتابة مرات، فإن أصروا على كفرهم فحكمهم القتل ردة لحماية المجتمع الإسلامي من شرهم، وهذا ما صنعه أمير المؤمنين بالسبئية في القرن الأول الهجري، وهو ما صنعه ناصر شاه الإيراني في البابية في القرن الثالث عشر الهجري بفتاوى علماء الإمامية ..

وقد رضي بهذا التأويل الذي ذكرناه أحد كبار علماء الإمامية الاثناعشرية في القرن العاشر الهجري، وهو القاضي نور الله التستري الملقب بالشهيد الثالث المتوفى سنة 1019هـ  فقد قال في كتابه : (الصوارم المهرقة) :
((بعد منع صحة السند قد مر أن الكلام في هذا المبحث في كل عصر إنما كان مع الشيعة الإمامية دون من لا يعبأ بهم من الغلاة، ومن الظاهر الذي لا يخفى على كل أحد أن الإمامية لا يقولون بتعدد الآلهة ولا بألوهية أحد من الأئمة المعصومين عليهم السلام حتى يكونوا مشركين، فلو صح الحديث كان المراد من الرافضة فيه الغلاة من الشيعة الذين يفرطون في حب علي عليه السلام إلى أن يعتقدوا الربوبية فيه كما يدل عليه الحديث الذي سيذكره بعد ذلك بقوله : "وأخرج الدارقطني عن علي كرم الله وجهه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم : "سيأتي من بعدي قوم لهم نبز يقال لهم الرافضة فإن أدركتهم فاقتلهم فإنهم مشركون، قال : قلت : يا رسول الله ما العلامة فيهم؟ قال يقرظونك بما ليس فيك ويطعنون على السلف" اهـ  بل المراد بالرافضة كلما وقع في آثار السلف هم الغلاة، وجعله شاملا للشيعة الإمامية تعنت من مخالفيهم ..)) انتهى المطلوب من كلام القاضي نور الله التستري من كبار علماء الإمامية في القرن العاشر والحادي عشر، وهو كما ترى يؤيد تأويل الخبر بما ذكرناه على فرض صحته ويزيل الإشكال منه بحمله على الغلاة كما ذكرنا، وكما دل عليه الخبر الثاني.

وبعد هذا كله لا يبقى أي مستمسك على السيد عبد الجليل الطباطبائي، ونكون بذلك قد بينا بأتم بيان أن السيد المذكور وأهل السنة عامة المستمسكين بجمهور الفقهاء برآء من تكفير غير الغلاة ، فهذا ما وعدنا به من التوضيح ورفع الإشكال والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

وكل هذا الذي بيناه هنا وأطلنا فيه كنا لخصناه في حاشيتنا على كتاب القول الحسن :


الحاشية التي اختصرت كل ما مضى




هناك 3 تعليقات:

  1. بارك الله فيكم.
    العبارة المشكلة كأن فيها سقطا وتصحيفا.
    أقول: ولا يبعد أن من توقف من أهل العلم عن تكفير غلاة الرَّافضة، [لو اطلع]على ما صاروا إليه الآن من إحداث القبائح الشَّنيعة الفظيعة، [لجزم] بتكفيرهم من غير تردد.
    لعل العبارة تستقيم هكذا، ما رأيكم؟

    ردحذف
    الردود
    1. شكرا لك وبارك الله فيك على الاهتمام والمشاركة، ولكن كلمة (الجزم) موجودة فعلا في النص المخطوط فلا ينبغي وضعها بين معقوفين، وأما غير الموجود فهو كلمة (لو اطلع) التي اقترحتموها، وهي ليست ضرورية لأن الجملة فيها تقديم وتأخير، وإذا عكسنا التقديم والتأخير ظهر لك أنه لا حاجة إلى زيادة (لو اطلع) فلو قلنا : (ولا يبعد أن من توقف من أهل العلم عن تكفير غلاة الرافضة أن يجزم بتكفيرهم من غير تردد على ما صاروا إليه الآن من إحداث القبائح ..) لزال الإشكال ولا شعر القارئ بحاجة إلى تقدير، ولا يخفى أن الزيادات الضرورية لا تزول الحاجة إليها بتقديم وتأخير، فالذي أوهم النقص هو التقديم والتأخير مع استعمال المصدر الصريح مرة والمؤول مرة أخرى، وإلا فلا نقص، ويقوم مقام عبارة (لو اطلع) عبارة (على ما صاروا إليه الآن) وهذه الجملة متعلقة بقوله (الجزم بتكفيرهم)، والله أعلم.

      حذف
  2. جزاك الله خيرا شيخنا الكريم

    ردحذف