‏إظهار الرسائل ذات التسميات الصحافة اليومية. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات الصحافة اليومية. إظهار كافة الرسائل

الأربعاء، 30 مارس 2016

براءة السيد عبد الجليل الطباطبائي الشافعي وجمهور أهل السنة من تكفير الشيعة (2)

بسم الله الرحمن الرحيم

تقدم تمهيد هذا الموضوع والتعريف بالمؤلف رحمه الله في الجزء الأول من مقالنا هذا :

ونعرج الآن على القسم الثاني المختص بكتابه القول الحسن وما يتعلق به ..

القسم الثاني : (تحقيق كتاب القول الحسن)

المعلوم عندنا أن للكتاب مخطوطا وحيدا محفوظا في متحف البحرين الوطني .. وهو بخط تلميذ المؤلف الشيخ محمد بن سعد بن علي بن حمود المتوفى سنة 1307هـ  والذي ولي إمامة مسجد السيد عبد الجليل من بعده بأمره وتوليته وكان شافعيا كشيخه، وتوارثه أبناؤه فأحفاده الذين صاروا مالكية وتولوا مناصب القضاء، وقد ترجمنا له في مقدمة القول الحسن .. ولما علم الدكتور محمد بن عبد الرزاق الطباطبائي عميد كلية الشريعة بالكويت حفيد المؤلف بشأن هذا المخطوط أخذ صورة منه، فقدم للكتاب بترجمة للمؤلف وعلق على مواضع من الكتاب وقدمه لمجلة كلية الشريعة والقانون فرع الأزهر بالدقهلية العدد الثالث ـ الجزء الأول ـ سنة 1424هـ  = 2003م فنشر فيها لأول مرة ..





ولما اطلعْتُ على هذه الرسالة الصغيرة اقترحت على بيت البحرين للدراسات والتوثيق طبع كتاب السيد عبد الجليل هذا في البحرين كما طبع ديوانه الخل والخليل من قبل ـ بتحقيق الشيخ ياسين الشريف مدير المدرسة الدينية الأسبق رحمه الله ـ على نفقه الأمير الراحل عيسى بن سلمان آل خليفة، لأن المؤلف من أعلام البحرين في القرن الثالث عشر وهو أديب وفقيه شافعي، والعناية بتراثه تصب في اهتمامات بيت البحرين .. ولما استحضرنا صورة المخطوط وجدنا في نص الكتاب مواطن قد تستشكل وتستغل من المتعصبين من الجهتين،  فاقترح بعض الأعضاء حذف المواطن المشكلة، واقترح بعض آخر أن تترك كما هي ويعلق عليها، وقد أيدت هذا الرأي الأخير لأن الحذف ضرب من التزوير، ولأن المواطن المشكلة إنما صارت كذلك بسبب اللعب بالمصطلحات في مجتمعنا وتفشي التعصب والجهل، فلا شك أن إزالة الجهل والتعصب بالبيان العلمي الصحيح أولى من تركه معول هدم، وأن طبع الكتاب وتوضيح المواطن المستشكلة بما يزيل إشكالها ويبرز اتحاد كلمة المسلمين لا سيما الطائفتين بصددها أنفع للفريقين معا من بقائهم جاهلين بالمصطلحات العلمية الصحيحة بحيث يستغل دعاة الفتنة ذلكم الجهل للعبث بعقولهم وقلوبهم وإذكاء الفتنة بينهم، فكان طبع الكتاب مع تحشيته بما يزيل الإشكال أولى لدينا، وعلى هذا الأساس عملتُ على إعادة تحقيق الكتاب .. ولما كان الدكتور الطباطبائي حفيدَ المؤلف وله السبق في نشر الكتاب فقد تواصلنا معه للاستفادة مما كتبه وأشركناه معنا لأنه البادئ بالتحقيق ثم زدنا على ما كتبه في المقدمة وتقصينا في التعليق لا سيما عند تلك المواطن المستشكلة التي لم تحظ بالاهتمام من قبل.

طبع الكتاب سنة 1428هـ  = 2007م ، وبيع في المكتبات، وكنا نتوقع أن يتناوله بعض الناس بالنقد، وكنا على استعداد لذلك، ولكننا فوجئنا بأن الكتاب لم يجد أي اعتراض أو امتعاض مدة تسع سنين، وها هو يشرف على السنة العاشرة من عمره، أفليس غريبا أن يطبع كتاب ويباع وينشر مدة تسع سنين لا ينتقده أحد ثم يأتي النقد بعد تسع سنين؟! ألا ينبئ ذلك عن شيء وراءه ؟!

جاءت بعد طبعتنا طبعة أخرى سنة 1432هـ :  



لكنها طبعة غير جيدة، إذ نسبت إلى المؤلف ما لا يتفق ومنهجه في الأصول والفروع والسلوك، فجعلته من أنصار الدعوة النجدية ـ وهو ما لا صحة له كما قدمنا ـ وأهملت التعليق على المواطن المشكلة، فلا جرم أن من طالعها من الشيعة ـ وقد تجردت من أي توضيح أو رفع للإشكال أو معالجة حسنة لوجه الله ـ لا جرم أن يمتعض منها، مما سبب الخلط بينها وبين طبعتنا، فاطلع المنزعجون على هذه الطبعة السقيمة، ولكن للأسف عثروا في البحرين على طبعتنا !! كما اضطرب محققها في قراءة المخطوط،هذا إن كان رآه أصلا، فسقط منه عنوان ـ والعناوين كلها في الهامش أصلا ـ وجعل تاريخ النسخ مرة سنة 22 / 1/ 1268هـ  ومرة سنة 33 / 1/ 1338هـ  مع أن التاريخ في المخطوط واضح كل الوضوح!!!

لاحظ تاريخ النسخ الصحيح هنا

وهنا تغير تاريخ النسخ مع أن الناسخ توفي 1307هـ !!

وهذا تاريخ النسخ واضح في المخطوط الوطني


فهذا ما يتعلق بتاريخ نشر كتاب القول الحسن ومخطوطه ومزايا طبعتنا مقارنة بما سبق أو لحق، ليس في ذلك مؤامرة ولا جهة أجنبية ولا مكائد ولا شيء مما قد يوسوس به الخناس، والله الموفق.

الاثنين، 28 مارس 2016

براءة السيد عبد الجليل الطباطبائي الشافعي وجمهور أهل السنة من تكفير الشيعة (1)

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله حق حمده، والصلاة والسلام على نبيه وعبده، مولانا الذي لا نبي من بعده، سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وجنده ..

وبعد ..

(تمهـــــــــيـــــــــــــــد)

فقد رأيت تقريرا مختصرا نشر في إحدى المجلات الألكترونية ـ التي أنصفتني ذات يوم ـ أسرع باللائمة على الإذن بطبع كتاب : (القول الحسن فيما يستقبح وعما يسن) لمؤلفه العلامة الجليل : السيد عبد الجليل بن السيد ياسين الطباطبائي الحسني الشافعي البصري ثم البحراني ثم الكويتي المتوفى سنة (1270هـ  = 1852م) زاعما ذلكم التقرير أن الكتاب اشتمل على تكفير الشيعة !! علما بأن الكتاب طبع قبل تسع سنين سنة 1428هـ = 2007م !!!


ولما كانت سهام النقد مفوقة إلى المؤلف رحمه الله أصالة، ثم إلى من أجاز طبع الكتاب تبعا ـ وهو صيد يسيل له لعاب السياسة فتنزلق عليه أقدام الشيوخ ـ ولما كان المؤلف قد فارق الحياة الدنيا منذ 167 سنة، وكان من أكابر علماء أهل السنة والجماعة في وقته من السادة الشافعية، أضحى من الواجب المحتم أن ينبري بعض أهل العلم للذب عنه ورد ما فُوِّقَ إليه من سهام النقد، ولما كُنْتُ ـ كاتبَ هذه السطور ـ ممن أسهم في خدمة متن الكتاب وسببا في إخراجه فقد رأيت أن الذب عنه يلزمني، وأيد ذلك أنْ طَلَبه مني غير واحد من المحبين من السنة والشيعة معا، فوافق ذلك رأيي وصادف رغبة قديمة مني في ذلك لما لأصل المسألة ـ اللعب بالمصطلحات العلمية ـ من الخطر العظيم، وخشية أن يجترها أهل السياسة إلى ناديهم غافلين عن خطر العبث بها، وما قد يترتب على جر فتيلها من سهولة إذكاء الفتنة بين المسلمين عوضا عن إخمادها وإطفائها، فهذه المقالة المختصرة تجيء لتصحيح ذلك كله، وقد قسمتها ثلاثة أقسام :

الأول : في التعريف بالمؤلف والتنويه بشأنه ورد ما نسب إليه جهلا أو عمدا مما هو بريء منه.
الثاني : في التعريف بكتابه القول الحسن ـ محل النقد ـ ومخطوطته، والباعث على طباعته وما امتاز به تحقيقنا على غيره.
الثالث : بيان العبارة التي أشكلت على بعض الناقدين وتصويب المؤلف في عبارته وأنها محل إجماع من المسلمين، مع بيان خطر اللعب بالمصطلحات العلمية، والتلاعب بها من أهل السياسة أو غير العلماء.

القسم الأول : (التعريف بالمؤلف)

قد ترجمت للمؤلف في مقدمة (القول الحسن) ونوجز هنا ترجمته فنقول : هو السيد الشريف عبد الجليل بن السيد ياسين الطباطبائي الحسني نسبا من جهة الآباء والحسيني من جهة الأمهات، العراقي البصري أصلا ونشأة، الشافعي مذهبا، الصوفي الرفاعي طريقة ومسلكا .. الأديب الشاعر الناثر .. والرحالة التاجر .. هاجر إلى الزبارة لما ابتليت العراق بالطاعون وغيره .. ثم استقر في البحرين وقضى فيها زهرة شبابه .. وفيها عرفه الناس فعظموه، وقربه آل خليفة فقدموه ورفعوا منزلته .. وأنابوه سفيرا عنهم لمفاوضة الإنجليز في بعض الأحيان .. وفي البحرين بنى السيد عبد الجليل مسجده الشهير في رأس الرمان والذي يعرف الآن باسمه وهو الذي وضعنا صورته على غلاف كتاب (القول الحسن) .. وهناك مسجد آخر في المحرق يحمل اسمه أيضا وصورته على الغلاف الثاني .. ولما أن قدر الله تعالى أن تنشب في البحرين حرب أهلية أكلت الأخضر واليابس عز عليه أن يرى مصارع أبناء العمومة فاستأذن للهجرة منها فأذنوا له بعد ممانعة فنزل الكويت وبث فيها علومه، وفيها كانت وفاته، وفيها نشأ أبناؤه كالعلامة السيد أحمد والعلامة السيد عبد الوهاب .. ومن نسلهما اليوم في الكويت حفدة كثر .. منهم عميد كلية الشريعة الإسلامية الدكتور محمد بن عبد الرزاق الطباطبائي الذي سبقني إلى إخراج كتاب القول الحسن.

وللسيد عبد الجليل ديوان مشهور هو الخل والخليل طبع في بومبي ومصر والبحرين وقطر.
وله رسالة في البدعة والسنة سماها القول الحسن فيما يستقبح وعما يسن، محفوظة في متحف البحرين الوطني بخط تلميذه الشيخ محمد بن سعد جد أسرة آل سعد وهي التي قمنا بتحقيقها والتي ورد فيها ما هو سبب هذه المقالة.

وقد ظلم هذا العلامة النسيب والفقيه الشافعي الأريب غير مرة وأشهرها الآن في ذهني ثلاث مرات :

الأولى : عندما نُشِرت عنه مقالات تنسبه إلى اعتناق الدعوة النجدية استنادا إلى قصيدة في ديوانه مدح بها إمام الدعوة النجدية .. ولكن بمطالعة ديوانه المجموع بعناية ابنه نجده قدم لهذه القصيدة بتصريح وضح فيه أنه أنشأها مكرها لما هدده أمير الحملة النجدية على الزبارة والبحرين إذ أمره بإصلاح قصيدة فيها سب المشايخ من أهل السنة ورميهم بالعظائم، فأنف من ذلك وأنشأ له قصيدته هذه ليأمن من بأسه، ولم يقصد بها السيد مدح إمام الدعوة النجدية في حقيقة الأمر، ناهيك عما في ديوانه من التوسلات بالنبي والآل والأصحاب وما في مصنفاته مما يعلم منه أنه على طريقة جمهور أهل السنة والجماعة أصولا وفروعا وسلوكا، فهذه المظلمة الأولى.

والثانية : عندما جددت الأوقاف السنية مسجده القديم في رأس الرمان، وأثبتت اسمه في لوحة المسجد لأول مرة وفاء وعرفانا لإحسانه، فاستنكره بعض الناس، ولا علم لهم بالسيد عبد الجليل لطول العهد، والتبس عليهم الأمر، وأشيع يومها أن الشيعة استولوا على المسجد ووضعوا عليه اسم واحد منهم في غفلة أو تواطؤ من الأوقاف ـ مع أن شيئا من ذلك لم يكن ـ حتى وصل الأمر إلى الجرائد مما اضطرنا إلى كتابة أكثر من مقال ينوه بشأن السيد ويعرف به وبمسجده وبوقفيته.

والثالثة : في أيامنا هذه إذ نُسب إلى جنابه الشريف أنه يكفر الشيعة ويستحل قتلهم !! استنتاجا من عبارتين في كتابه (القول الحسن ..) المتقدم الذكر، وفي ذلك ظلم للشيعة أنفسهم قبل أن يكون ظلما للسيد كما سنبينه، فهذه الظلامة الثالثة.


الاثنين، 8 فبراير 2016

محمد عبد الرحيم جاد لسان عربي مبين



بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد ..

أتذكر جيدا ليلة من الليالي وقد جفاني فيها النوم وبقي على انفلاق الفجر ساعة أو اثنتان، فعمدت إلى قنوات التلفاز أقلبها، فإذا بقناة البحرين تذيع درسا مسجلا في السيرة النبوية العطرة ..
تريثت قليلا أستمع إلى ذلكم الشيخ الأزهري بزة ولونا، والذي أراه لأول مرة، فأعجبتني فصاحة لسانه، وجزالة ألفاظه، وحسن بيانه، وسيلان كلماته كأنها الغيث المدرار، لا تكاد تعجزه كلمة، ولا تند عنه مفردة يطلبها، ترتسم المعاني في ذهنه ارتجالا، فلا يلبث أن ينزع لها من كلام العرب، وكأنه يغترف من القاموس المحيط كما يحفظ أحدنا فاتحة الكتاب العزيز !
كنت وأنا أستمع إليه، يخيل إلي أنه الأستاذ الكبير محمد أبو زهرة، فقد كانت صورته تشبه الصور التي رأيناها للأستاذ أبي زهرة في امتلائه واستدارة وجهه .. ولولا علمي بتقدم وفاة الشيخ محمد أبي زهرة لقلت هو هو.
انتهى الدرس دون أن أشعر بالوقت، وأخذني الفضول لمعرفة المتحدث، وللأسف الشديد لم يُذَع اسمه، ولم أجد أحدا يعرفه عندنا، ـ كان ذلك قبل نحو 26 سنة ـ .
وقبل نحو عشر سنين رأيت له تسجيلات في السيرة النبوية في المعهد الديني في أشرطة قديمة ضمن مكتبتها لا أدري إن كانت لا تزال موجودة فيها أم ضاعت، فتذكرته بها ولم أعرفه أيضا، وقبل نحو ست سنوات رأيت للشيخ تسجيلات جديدة لم أكن رأيتها من قبل فعرفته وتذكرته ـ وكان قد شاخ وتقدم به السن ـ وعرفت أنه الشيخ العلامة السيد :

محمد عبد الرحيم بن جاد بدر الدين المصري الحسيني الأزهري

لم أشرف بلقائه بنفسي وإن كان لقيه عدد من تلاميذي وانتفعوا به، فكأنني بذلك قد لقيته وأخذت عنه ..


وفي صباح الأمس (الأحد 28 من ربيع الثاني 1437هـ) فاضت روحه الطاهرة إلى باريها فإنا لله وإنا إليه راجعون، ولا تزال كلمات الرثاء للفقيد تتوالى من كل حدب وصوب، رحمه الله تعالى وأسكنه جناته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالين وحسن أولئك رفيقا، والحمد لله رب العالمين . 

كلمة في رثائه لأحد العارفين بمقامه

ترجمة الفقيد بقلم الشيخ يحيى الغوثاني

الأحد، 31 يناير 2016

حرية التعبير المنفلتة لا يقرها الإسلام




سؤال : .. أين مساهمتكم في موضوع التخاذل النيابي وإسقاط الاستجواب؟ وما تقييمكم لمسألة رفع النواب قضايا على المواطنين؟

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد ..

لا يمكنني الإجابة على هذا السؤال قبل التمهيد له بمقدمة، هذه هي :

لقد ابتلي المسلمون في كل مكان اليوم بأنظمة وقوانين جديدة عالمية، فرضتها القوى العالمية الكبرى على الضعفاء في العالم، أو هي تكاد تفرضها، أو تزينها وتعيب المعرضين عنها .. والمسلمون بسبب تفرقهم وتشتت أهوائهم فشلوا وذهبت ريحهم، فخضعوا للأجنبي خوفا وخورا، وتركوا الإعداد والتزود من أسباب القوة المستطاع الذي أمرهم الله به ليرهبوا به عدوهم فلا يستضعفهم فيفرض عليهم ما لا يحبون، فأضحوا اليوم وحالهم كما ترى .. وتسلط عليهم من جعل تلك القوانين دينه وقرآنه وسنته، فبها يزن كل أموره ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ..

والواجب الشرعي والعرفي والعقلي والقومي والوطني .. يحتم على المسلمين أن ينهضوا بأنفسهم بكل الوسائل الممكنة التي تعيد لهم عزتهم وترهب عدوهم فلا يستضعفهم ويجبرهم على ما يكرهون، وإلى ذلك الحين فلا يكون الأخذ بهذه الأنظمة والقوانين الوضعية المباينة لشرع الله تعالى إلا من باب الضرورة التي تقدر بقدرها، فلا يتناول منها إلا كما يتناول المضطر الميتة والخمر، يدفع بذلك عن نفسه الهلاك والتلف .

وأما تلك الأنظمة التي لا تتعارض مع الشريعة الإسلامية فلا بأس في الاستفادة منها ولا ضير وليس حديثنا هنا عنها ..
إلا أن بعض المسلمين في أخذهم بتلك الأنظمة الغربية يأخذونها أخذ عشواء، ويحملونها فوق رؤوسهم جملة وتفصيلا دون تمييز لما فيها من طيب أو خبيث، وينطقون بكلمات أورثهم إياها الغرب يحتاجون بعد إلى تأويلها كقولهم : (الشعب مصدر السلطات) ! فإذا قيل لهم : فأين الإسلام ؟ وأين كتاب الله وسنة رسوله وقواعد الدين ؟ طفقوا يتأولون هذا القول تأولات شتى، وكانوا في غنى عن ذلك أصلا لولا أخذهم بما لقنهم به الغربي جملة أخذ حاطب ليل، وليس كذلك شأن المسلم.

فإذا عرفت ذلك أيها المستفهم فاعلم أن من جملة ما يجيء مع هذه الأنظمة الغربية ما يكون محرما في شرعنا، ومن ذلك ما يسمونه بـ (حرية التعبير) أو (الحرية الإعلامية) أو (حرية الرأي) وهي كلمات لا غبار على ظاهرها إذا فُهِمت مقيدة، وإنما تقع الطامة في إطلاقها بلا قيد ولا حد، فإن الغرب غالبا ما يتوسعون فيها ويغلون غلوا كبيرا حتى لا يُسأل أي كاتب أو صحفي عن سب ولا قذف ولا سخرية، ولا يمتنعون من الخوض في الأعراض والكذب والبهتان والإشاعة والغيبة والنميمة، ويجعلون حجتهم تلك الحرية.

والإسلام حرم ذلك كله ونهى عن سيء الأخلاق .. فإن كان المسلمون قد ابتُلوا بالأنظمة الديمقراطية فليأخذوا منها ما ينفعهم لا ما يضرهم ويخرجهم من دينهم أو يورثهم كبائر الذنوب والآثام والمعاصي، بل ويزيد شتاتهم وفرقتهم وتشاحنهم ويورثهم العداوة والبغضاء.

والناس عندما يختارون من ينوب عنهم ويمثلهم أمام السلطان إنما يختارون الكفء الصادق الأمين، وينتقون الحصيف اللبيب، فإذا ائتمنوه أول الأمر، كان ذلك تزكية له وحكما بصدقه وأمانته الظاهرة، فلا يحل لهم أن يخونوه بعد ويكذبوه بلا بينة ولا برهان، ولا يحل لهم إذا هو رأى رأيا غير ما يشتهون ويرون أن يبادروا إلى إساءة الظن فيه فضلا عن سبه والسخرية منه .. ويقبح ذلك جدا إن بدا من قوم ينتسبون إلى الإسلام لفظا وينتمون إلى مؤسسات دينية، فإن مثل ذلك وإن جاز في الأنظمة الديمقراطية الغربية فلا يحل في دين الله، فيا من جعلتم الديمقراطية دينكم عودوا إلى الحق وذروا ما خالف الكتاب والسنة.

ثم أليس هؤلاء النواب أنتم من انتخبهم واختارهم؟ فكيف تخونون من ائتمنتموه بأنفسكم وسميتموه الصادق الأمين ؟! (يدك أوكتا وفوك نفخ) .. وهب أنكم لم تختاروه بل اختاره غيركم من إخوانكم من المسلمين فَلِمَ تسيؤون الظن بغيركم من المسلمين أنهم اختاروا الكذوب الغدار؟!

على أن هؤلاء النواب في كثير من بلاد الإسلام ـ كما هو الحال عندنا ـ ليس لهم كبير شأن، وهم إلى مسمى المستشار أقرب، وهؤلاء لا يكون لهم من الأمر شيء وإنما الأمر كله بيد السلطان، والديمقراطية المدعاة لا حقيقة لها في باطن الأمر ـ إلا اللمم ـ وإنما هي صورة وتمثال، وهاهم النواب والمنتخبون في أكثر بلاد الإسلام لم يقدروا على إحياء حدٍّ واحد من حدود الله على مر العقود والعقود .. فإن كان الحال كذلك، وكان معلوما معروفا أنه كذلك فإن صب جام الغضب على هؤلاء المستشارين دون المستشير لا يتفق مع الواقع والعقل، وإن هم أساؤوا إساءة ظاهرة فاللوم لا يقع عليهم دون من اختارهم نوابا، ودون من قطع ألسنتهم وغل أيديهم، وكيف يخصهم من يخصهم باللوم وهو يعلم أنهم لا ناقة لهم ولا جمل ؟! وأن الأمر كله بيد السلطان؟! ثم إن بعض اللوم والتقريع إن جاز فلا يكون بالسب والقذف والسخرية التي حرمها الإسلام، بل بالنصح والإرشاد، وإن كان ولا بد فليعترف المنتخبون بخطأ اختيارهم ثم ليدعوا الناس إلى ترك اختيار هذا النائب المتخاذل مرة أخرى لعدم صلاحه، وليهجروه كما هجر النبي صلى الله عليه وسلم من تخلف عن الجهاد بلا عذر .. هذا إن علمت يقينا أنه لا يصلح وإلا فإنه جائز أن يكون قدَّر المصلحة في غير ما تراه، وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم روي عنه أنه بعث عليا في بعض الشؤون فقال له علي : (يا رسول الله أكون كالسكة المحماة ؟ أو الشاهد يرى ما لا يرى الغائب ؟ فقال رسول الله : بل الشاهد يرى ما لا يرى الغائب) فلعل بعض هؤلاء النواب قدر أن الضرر أكبر من النفع، وهذه الخمر والميسر قال الله تعالى فيهما : (قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا) صدق الله العظيم.

وزبدة القول أن النظام الديمقراطي فيه منافع للناس وفيه حيات وأفاعي وسم زعاف وكفر عظيم، وعلى المسلمين الذين ابتلوا بهذا النظام واضطروا إليه اضطرارا أن يميزوا الطيب من الخبيث منه، فلا يشربوه كله، وليس من الإسلام السب ولا السخرية والطنز، فإن كان ولا بد فاسخروا من أنفسكم واتخذوها طنزا كما فعلتم بهم فإنكم أو إخوانكم من اختارهم ..

وأما النواب الذي يعلمون من أنفسهم القدرة على نفع الناس ودفع الضر عنهم فلم يفعلوا ذلك ولم يستعملوا ما في أيديهم بل مالوا مع الدنيا أو مالوا مع ذي نفوذ بلا ضرورة ملجئة فهؤلاء قد خانوا الله ورسوله والمؤمنين، ومأواهم النار إلا أن يتوبوا فيتوب الله عليهم ..

وأما من علم من نفسه النصح والإخلاص ونوى منفعة المسلمين ودفع الضر عنهم فلم يمكنه ذلك بسبب قهر أو نحوه، أو قدر أن المصلحة في غير ذلك، فهذا لا حرج عليه فقد وفى ونصح، فإن ناله شيء من السب أو القذف ـ مع إخلاصه ونصحه  وحسن مقصده  وصلاح نيته ـ فله أن يرفع أمره إلى القضاء إن شاء، وأحسن من ذلك أن يصبر فلا يفعل ذلك إن استطاع خشية أن يجري التقاضي وباقي الأحكام على غير قانون الشريعة فيجيء الجزاء أكثر مما قدره الشرع أو دونه، والأولى والأقرب إلى البر أن يعفو ويصفح امتثالا لقوله تعالى : (وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) صدق الله العظيم .. لا سيما وأن كثيرا ممن نال منه ليس مقصودهم إلا الحق والصدق فأخطأ الطريق، وجانبه الصواب في الإنكار، والله تعالى أعلم.



الخميس، 14 أغسطس 2014

التَّحِيَّة لمفتي الدِّيَار المِصْرِيَّة

التَّحِيَّة لمفتي الدِّيَار المِصْرِيَّة



بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي رفع منار العلم، وخفض راية الجهل، وأبقى بين ظهراني المسلمين أئمة ذوي رسوخ في العلم وعزائم، يصدعون بالحق لا يخافون لومة لائم .. والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا رسول رب العالمين، وإمام المسلمين، القائل : "من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين" وعلى آله سفينة النجاة وحبل العلم الممدود، وأصحابه حصن الدين المنيع المشدود  ..

وبعد ..

فمذ أُعْلِن عن إحالة أوراق مئات من المسلمين في مصر إلى العلامة مفتي الديار المصرية وأنا وَجِل من أن يصادق الشيخ على هذه الإعدامات ..

مفتي الديار المصرية شوقي علام

لقد بذلت كل جهدي لمحاولة التعرف على الحكم الشرعي لهذه المسألة مِنْ قَبْلُ عندما وقعت عندنا في البحرين، فحررتها تحريرا في مقالي :


وبينت فيه أن المطالبة بالإعدام والقتل مصادمة لما هو مقرر في الفقه الإسلامي بمذاهبه المعتبرة، ونقلت النصوص في ذلك، وبينت أن المسألة تُسْتفاد أحكامُها من باب البَغْي من كتب الفقه الإسلامي، لا من باب الحرابة ولا الردة ولا غيرهما، وأن إخراج هذه المسألة من بابها الأصل إلى غيره جنوحٌ عن الصواب وإبعادٌ للنُّجْعة، وأن تطبيق ما يسمى بالخيانة العظمى في هذه المسألة تشديدٌ وقسوةٌ مرجعُه القوانين الوضعية المصادمة للشريعة الإسلامية السمحة.

وعندما وقع مثل ذلك في مصر وثار من ثار على الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك وصار في الأسر طالب كثير من الناس بإعدامه ومن معه ! وهذا أيضا جهل بحكم هذه المسألة، لأنه هو الحاكم المَبْغِيُّ عليه المنزوع من سلطانه، فلو دَفَعَ هو من خرج عليه لكان له ذلك بشروطه فكيف يتحول بعد ذلك إلى محكوم بالإعدام؟!



ولو ساغ مثل هذا الخبط من العامة والدهماء فكيف يسوغ ممن آل إليهم الأمر من محبي الشريعة ومناصريها المنادين بتطبيق أحكامها ورافعي شعار الحلول الإسلامية ؟! إن هذا لعجيب.

فلما صار الأمر إلى الإخوان المسلمين واستقر لهم الأمر لم يكن الخروج عليهم جائزا كذلك ـ وإن كانوا بغاة في الأصل لاشتراكهم في نزع الحاكم الأسبق ـ ولكن الناس أعادت الكرة ولم تصبر عليهم، فخرجوا عليهم ونزعوهم من الحكم، فاجتمع في الإخوان وصف البغاة ـ باعتبار ما كان منهم سابقا ـ ووصف المَبْغِيِّ عليهم ـ باعتبار ما آل إليه الأمر ـ فَدُفِعُوا دفعا قُتِل فيه من قتل منهم حتى استقر الأمر الآن لهذا السلطان الجديد.

ووُضِع الإخوان في السجون وحُكِمَ بالقوانين الوضعية على كثير منهم بالإعدام مرة أخرى !

إن هؤلاء في أسوأ أحوالهم ـ حتى أولئك الذين باشروا القتال ـ لا يزيدون عن أن يكونوا بغاة تجري عليهم أحكام باب البغي، وليس فيه إعدام ولا تضمين على تفصيل ذكرناه، وإنما هي فتنة يجب على المسلمين وأدها والإياب منها إلى الصلح والصواب، فمن أين يأتي الإعدام لولا القوانين الوضعية المخالفة للشريعة السماوية؟؟!!

فلما أحيلت أوراق المئات منهم إلى مفتي الديار المصرية كنت وَجِلا من أن يصادق المفتي على قرار الإعدام، لأننا نحن المشتغلين بالعلم نعلم أن هذه المصادقة حينئذ لن تكون إلا نزولا لرأي شاذ أو قانون وضعي ـ وما أكثر مفتي الأقوال الشاذة ـ أو خضوعا لضغوطات سلطوية، وهذا فيه ما فيه مما يمس الشريعة والأزهر والإفتاء، وفكرت في مكاتبة العلامة المفتي ببحث المسألة لشدة وضوحها لديَّ غيرة على أحكام الشريعة أولا وغيرة على الأزهر والإفتاء الشامخ ثانيا، ثم إني عدلت عن ذلك، وقلت : من أنا حتى أكتب إلى مفت وحوله مفتون يحررون المسألة؟ ولئن كان الإفتاء هناك خاضعا لأي ضغوط فما عساه يستفيد مما أكتبه؟ فالله يؤيدهم ويمدهم بالصواب، وصرنا نترقب ما يتمخض عن دار الإفتاء.


ولكن ولله الحمد لم يخيب الإفتاء الشامخ رجاءنا، ورفض الشيخ العلامة المصادقة على هذا الحكم المصادم للشريعة الإسلامية، وكرر رفضه حتى وجدت نفسي مدفوعا إلى تسجيل التحية لمفتي الديار المصرية.


السبت، 2 فبراير 2013

ملاحظة على بيان ائتلاف الجمعيات السياسية


بسم الله الرحمن الرحيم

ما رأيكم في البند التاسع من بيان ائتلاف الجمعيات السياسية؟؟


 قد اطلعت على هذا البيان في الموقع التالي بتمامه :

والذي أصدَرَته ورضيت به عشرُ جمعيات، خمس منها إسلامية، وحتى لا يتصور بعض القراء أن ما اشتمل عليه هذا البيان صحيح كله وموافق لأحكام الشريعة الإسلامية تماما ـ اعتمادا على أن خمسا من هذه الجمعيات إسلامية ـ فحتى لا يتبادر ذلك إلى الأذهان فلا بد من توضيح الخطأ الوارد في أحد نصوصه وهو النص التالي ـ الذي ورد في سؤالكم ـ :


 فظاهر هذا النص يجعل التأكيد على تطبيق القوانين الوضعية واحترام الأحكام القضائية المبنية عليها يجعلها سببا لنجاح الحوار !! مع أنه لا يجهل أحد من المسلمين أن هذه القوانين الوضعية فيها الكثير مما يخالف أحكام الشريعة الإسلامية، والالتزام بهذه القوانين إنما يكون في حدود الضرورات التي تبيح المحظورات، لأن المسلم إذا خالفها عاقبوه وآذوه، فالتزامه المشروع بها هو ذلك الذي ينبني على الخوف من العقاب والأذى إذا خالفها، لا أنه راض بها منهجا ومسلكا، وإلا فلا قدسية ولا حرمة أو احترام لمثل هذه القوانين ـ ونحن هنا نعني تلك المخالفة للنص الشرعي وما أجمع عليه أهل الفقه في الدين ـ بل الواجب تغيير تلك القوانين على القادر لتوافق أحكام الشريعة بلا شك.
نعم يمكن تأويل هذا النص الوارد في البيان بضروب ووجوه من التأويلات والتقييدات والتخصيصات، والتماس المخارج والأعذار، ولكننا إنما تكلمنا على ما يفهم من ظاهره المتبادر إلى أذهان الناس والذي يكمن فيه الخطر، خصوصا وأن هذه الجمعيات انتسبت إلى الإسلام لا السياسة فقط وإلا فلا غرابة في ارتماء أكثر أهل السياسة في أحضان القوانين الغربية، إنما لا يقبل هذا من الجمعيات السياسية التي اتخذت الإسلام لها شرعة ومنهاجا.
فالواجب دائما على المسلمين أن يكون مرجعهم ساعة الخلاف هو ما ذكَّرَهم الله تعالى به بقوله جل شأنه :
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا) صدق الله العظيم.
الإشكال القائم أن بعض هؤلاء السياسيين يريدون إنفاذ القوانين المحلية، وبعضهم يريد القوانين الدولية، ونسوا أن الله تعالى أوجب عليهم عند الاختلاف أن يرجعوا إليه وإلى رسوله لا إلى غيرهما، وسمى المرجوع إليه ـ غيرهما ـ طاغوتا، فهذا ما وجب توضيحه في البيان المذكور، وباقي البيان مشتمل على نصوص لها مفاهيم صحيحة وهي حق، وبعضها محتمل لمعنى صحيح وآخر خطأ كقول البيان :


فقد يفسر هذا الكلام أن الطائفة والمذهب هما سبب الحقد والكراهية والبغضاء ! وهذا مفهوم خاطئ.
وقد يفسر أن الحقد والكراهية والبضغاء ربما كان باعثها التعصب المقيت للمذهب والطائفة، وهذا معنى صحيح واقع، ولكن لا ذنب للطائفة ولا للمذهب في هذه الحال، فهذه النصوص وما أشبهها مما يحتمل أكثر من تفسير كثيرة في كلام الناس والجرائد، ولا حاجة لبحثها، لأن التفسير الصحيح لها هو الأقرب إلى الأذهان بقرائنه بخلاف البند التاسع الذي بينا خطورة ظاهره .. والله تعالى أعلم.
هذا ونسأل الله السميع العليم، العلي العظيم، الرءوف الرحيم، أن يوفق المسلمين في العالم الإسلامي كله وفي بلادنا البحرين خاصة إلى الصلح والوئام واجتماع الكلمة، إنه تعالى على كل شيء قدير.


السبت، 14 أبريل 2012

سؤال أخبار الخليج حول تخريب برادات جواد وجوابه


بسم الله الرحمن الرحيم

نص السؤال الوارد:

الموضوع خاص بتدمير أسواق 24 ساعة ونريد معرفة رأي الدين فيما يحدث ..

الجواب :

قد أجبت عن مثل هذا مرارا، وأقول هنا :

التخريب والتدمير لأموال الناس والإضرار بمصالحهم المشروعة لا يجوز باتفاق أهل العلم، ولو جاز شيء من ذلك ففي صور محدودة يعرفها أهل الفقه، وهي خاصة بالعقوبات التعزيرية التي يوقعها الحاكم أو نائبه في صور محدودة كأن يتجاهر مسلم ببيع الخمر فيأمر ولي الأمر بتكسير أواني الخمر مثلا، فهذه حالات خاصة غير ما نحن فيه الآن من التخريب والتكسير والإضرار بمصالح الناس دون إذن من الحاكم ودون موجب له مطلقا ..

فمحلات جواد المعروفة ليست لبيع الخمور ولا المحرمات، وإنما هي لبيع المأكولات والمشروبات والمطاعم الحلال، وما يلحق بها مما يشرع استعماله، فما هو المسوغ لهذا التخريب والتكسير؟!

إنا نعلم ما يحتج به بعض الناس، ونفهم ما يستندون إليه في أفعالهم هذه، ونقول لهم:
ليس شيء مما تذكرونه بمجوز ومحلل لهذا التخريب، ولسنا غافلين عما تشيرون إليه من علاقة هذه المحلات بالأنشطة السياسية التي جرت في العام الماضي، إنا نفهم هذا، ومع ذلك نقول :
لو ثبتت هذه العلاقة لما كانت مسوغة لهذا التخريب والنهب طبقا لأحكام الشريعة الإسلامية وما قرره الفقهاء، لأن من بغى وخرج على ولي الأمر فالتعامل معه يكون بالدفع فقط ما أمكن، ولا يُتبع المدبر ولا يُذفف على جريح ولا تغنم أموالهم، ولهم ولبيوتهم وأموالهم وأعراضهم حرمة المسلم، وأما بعد تفرقهم واندفاعهم فلا يشرع التعرض لهم مطلقا باتفاق ..

هذا حال من حمل السلاح وقاتل بالفعل، فكيف من لم يحمل السلاح أصلا؟
أم كيف يكون الحال بعد استتباب الأمن وتفرق المحتجين؟

لا شك أنه لم يبق مسوغ لهذا الفعل أبدا ..

وقد فصلنا الكلام على أحداث الفتنة الماضية في بحثنا (رد السنة والشيعة إلى سماحة أحكام الشريعة) وهو منشور على الشبكة لمن أراد الاطلاع عليه :


وكما نقول بأن هذا التخريب محرم فكذلك القول في غلق الشوارع وصب الزيت فيها أو إحراق الإطارات أو تفجير الإسطوانات فيها، لأن هذا من شأنه تخويف الناس وصرفهم عن هذه الأمكنة وتعطل هذه الشوارع، وهذا فيه من الإضرار بمصالح التجار ما فيه، بحيث يتكبدون الخسائر العظيمة بسبب هذه الأفعال، ناهيك عن الترويع، والازدحام، وتأخر الموظفين عن العمل، وغير ذلك من الأضرار المترتبة على مثل هذه الأفعال، فهذا أيضا فيه من الضرر ما لا يقل عن الضرر الحاصل لمحلات جواد، فالواجب الكف عن هذه الأعمال مطلقا، بل يجب على كل من نهب شيئا أن يعيده بعينه أو بقيمته بأي وسيلة، فهو مال منهوب محرم ..
والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومعالجة الأمور لها وسائل غير هذه ينبغي سلوكها، هذا والله تعالى أعلم.        

تنبيه :
كان المتوقع نشر هذا الجواب في تحقيقات اليوم، ولكن لم يتم نشره:

الخميس، 12 أبريل 2012

التذكير بملف التنصير في البحرين (2)

بين يدي الجزء الثاني :

في الجزء الماضي ناقشت كلام الأخت وفاء جناحي، والذي كان ظاهره يتجاوز ضرورة أول أركان الإسلام (شهادة ألا إله إلا الله محمد رسول الله) والتي هي مفتاح النجاة، دل على ذلك الكتاب والسنة وإجماع الأمة الإسلامية، فحرَصْت على نقل كلامها من مقال آخر لها لتوضيح أن الأخت مسلمة وتفخر بإسلامها كما صرحت، ولكنها تتصور أن من تنافح عنهم ليسوا مشركين بالله! وقد نقلت لها حقيقة معتقدهم ونص كلامهم الصريح والواضح في ألوهية المسيح ..
ولكن الكاتبة لم تتعرض لموقف هؤلاء الذين تحسن الظن بهم من خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد صلى الله على وسلم، فحَكَمَت لهم بالنجاة لمجرد أنها ظنتهم غير مشركين، مع أن هذا لو صح غير كاف حتى يؤمنوا بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا، ولا أدري هل كانت تحسن الظن بهم أيضا متوهمة أنهم يؤمنون بنبوة سيدنا محمد ؟! أم أنها لا تعلم أن الإيمان بنبوته ضروري للخلاص والنجاة ؟! وماذا عن موقفهم من القرآن الكريم ؟! هذه قضايا لم نتطرق إليها مع خطورتها البالغة لأنها مرحلة لاحقة، فلا فائدة من الكلام عليها الآن حتى ننتهي من إقناع الكاتبة بضرورة الركن الأول وهو التوحيد للخلاص والنجاة، وأن من نافحت عنهم ومدحتهم ليسوا موحدين بل معتقدين لألوهية بشر وهو المسيح عليه السلام، ولهذا اقتصرت في مناقشتي على أن أبين لها خطأ ظنها في هذا الجانب على الخصوص.

خطة التنصير القديمة وتطورها :

كان المنصرون يواجهون المسلمين بطريقة مكشوفة، ويعرضون عليهم مباشرة الإيمان بعيسى ربا ومخلصا !! هكذا بكل صفاقة، والنتيجة بلا ريب كانت مخيبة لآمالهم دائما، وقبل أكثر من 100 عام تغيرت الخطة التنصيرية، إذ صرح المنصر الأمريكي الشهير ـ والذي استقر في البحرين مدة طويلة ـ صوموئيل زويمر بكلام خطير في أحد مؤتمرات التنصير العالمية سنة 1910م قال فيه:



((لقد جربت الدعوة إلى النصرانية في أنحاء الكرة من الوطن الإسلامي؛ وأن تجاربي تخوّلني أن أعلن بينكم على رؤوس الأشهاد أن الطريقة التي سرنا عليها إلى الآن لا توصلنا إلى الغاية التي ننشدها . فقد صرفنا من القوت شيئاً كثيراً، وأنفقنا من الذهب قناطير مقنطرة، وألفنا ما استطعنا أن نؤلف، وخطبنا ما شاء الله أن نخطب، ومع ذلك فإننا لم ننقل من الإسلام إلى النصرانية إلا عاشقاً بَنَى دينَه الجديد على أساس الهوى، أو نصاباً سافلاً لم يكن داخلاً في دينه من قبل، حتى نعده قد خرج عنه بعد ذلك، ولا محل لديننا في قلبه حتى نقول إنه دخل فيه .
ومع ذلك فالذين تنصّروا، لو بيعوا بالمزاد لا يساوون ثمن أحذيتهم، فالذي نحاوله من نقل المسلمين إلى النصرانية، هو أشبه باللعب منه بالجد، فلتكن عندنا الشجاعة الكافية لإعلان أن هذه المحاولة قد فشلت وأفلست. وعندئذ يجب علينا قبل أن نبني النصرانية في قلوب المسلمين أن نهدم الإسلام من نفوسهم، حتى إذا أصبحوا غير مسلمين سهل علينا أو على من يأتي بعدنا أن يبنوا النصرانية في نفوسهم أو في نفوس من يتربون على أيديهم. إن عملية الهدم أسهل من عملية البناء، في كل شيء إلا في موضوعنا. لأن هدم الإسلام في وجدان المسلم معناه هدم الدين على العموم، وهى خطة مخالفة لما ندعو إليه، لأنها خطة إلحاد وإنكار للأديان جميعاً، ولكن لا سبيل إلى تخليص المسلمين من الإسلام غير هذا السبيل)) اهـ.

ويقول هذا المنصر أيضا:

((إن مهمة التبشير التي ندبتكم دول المسيحية للقيام بها في البلاد المحمدية، ليست هي إدخال المسلمين في المسيحية؛ فإن في هذا هداية لهم وتكريماً. إن مهمتكم أن تخرجوا المسلم من الإسلام، ليُصبح مخلوقاً لا صلة له بالله، وبالتالي لا صلة تربطه بالأخلاق التي تعتمد عليها الأمم في حياتها، وبذلك تكونون بعملكم هذا طليعة الفتح الاستعماري في الممالك الإسلامية. لقد هيأتم جميع العقول في الممالك الإسلامية لقبول السير في الطريق الذي سعيتم له، ألا وهو إخراج المسلم من الإسلام ..)) اهـ.

هذا اعتراف شهير وخطير من أشهر المنصرين في العالم قبل ما يزيد على 100 عام، وأنا أظن أن زويمر يعكس بهذا فشله الفاضح في البحرين على الخصوص والتي كانت واقعة تحت سيطرة الإنجليز كليا، وكانت مقر بعثته التنصيرية، ومع هذا لم يفلح في مسعاه في هذه البلدة الطيبة.


وبعد عقود من الزمن يشهد المؤرخون بأن المنصرين في البحرين قد فشلوا فشلا ذريعا.
يقول المؤرخ الريحاني ـ وهو نصراني ـ في كتابه "ملوك العرب" عن المنصرين في البحرين:

(وهم في مدة خمسين سنة لم يتمكنوا من هداية خمسة من المسلمين فما الفائدة من التبشير إذن)

البحرين بعد 100 عام من خطة التنصير :

البحرين بلدة طيبة مسلمة مستمسكة بدينها، كانت كذلك إلى عهد قريب، وكان لا بد للمنصرين من سلوك خطة زويمر الثانية، وهي هدم الإسلام في نفوس المسلمين، وتحطيم أخلاقهم ..

وخلال 100 عام إلى اليوم طور المنصرون خطة زويمر هذه، وعرفوا كيف يستغلون الحروب، والمجاعات، والكوارث، والنكبات، والفتن الطائفية، وكيف يتلونون ويظهرون في مظاهر جديدة ومنظمات وجمعيات للعدل والإنسان والمرأة والاقتصاد الحر .. ومختلف التسميات .. وكيف يتحكمون في وسائل الإعلام والتكنلوجيا، وكيف يستغلون الأيتام والمرضى وذوي الفاقات والعاهات، وكيف يتاجرون بالعري وجسد المرأة والغراميات .. لقد شوهدوا ينشطون في كل هذه الحالات، ويزداد تركيزهم في الدول الغنية والخليجية على بث الفسق والفجور وترويج الأفكار الإلحادية والهدامة وتحطيم القيم الأخلاقية، وهذه هي مرحلة الهدم التمهيدية، وهم يعملون في سرية وتكتم وهدوء، ومن أشد ما ابتكروه لإبعاد المسلمين عن دينهم إنشاء المدارس الخاصة حيث يتمكنون من التحكم فيها !! وحيث لا أثر للمبادئ الإسلامية، وستكون بيئة خصبة لعزل الناشئة عن محيطهم الإسلامي ووضعهم في حاضنة جديدة بعيدة عن أفكار الإسلام، قريبة من أفكار النصرانية ..

إن نظرة عابرة على مدارس البنين والبنات، والأسواق والمجمعات، والمؤسسات والأندية في البحرين .. لكفيلة بإثبات التغير الكبير الذي طرأ على البحرين في الحقبة الأخيرة، وهو تغير يعكس تأثرا وافتتانا بالغا بالغرب، يتمثل بوضوح في التقليد الأعمى لكل بدعة غربية، فهل معنى هذا أن البحرين باتت مستعدة للتنصير ؟؟

تقرير عبارة عن قطرة من مطرة :

هذا التقرير الصغير بعثه إلي بعض الدعاة إلى الله تعالى، وهو متواضع جدا مقارنة بالواقع، بحيث يعتبر هذا التقرير لا شيء أبدا أمام أي بحث استقرائي آخر .. بل يمكن إعداد مجلدات ضخمة في هذا الباب .. وقد كُتب هذا التقرير بعد شهر مايو من سنة 2009 ولكن النزر اليسير الذي فيه يكفي لإعطاء فكرة جيدة عما نحن عنه غافلون، وقد رأيت أن أعرضه على إخواني المسلمين لينتبهوا من غفلتهم، وسأنقل جُلَّ ما ورد في هذا التقرير، يقول التقرير :

·  نشرت جريدة الأيام البحرينية بتاريخ الأول من مايو 2009 أن أمريكية تهجمت على النبي صلى الله عليه وسلم أثناء محاضرة لها في إحدى الجامعات الخاصة، وبالتحقيق ثبتت التهمة عليها وعلى أمريكي معها، ومع أن العقوبة تقضي بسجنهما لكن سمح لهما بالفرار !!
·  وفي نفس هذا التاريخ أذاعت قناة الجزيرة على مدى أيام فلما صوره أحد الجنود الأمريكيين بخصوص قيام أفراد من الجيش الأمريكي بنشر أناجيل مترجمة في أفغانستان، والفيلم يظهر محاضرة تنصيرية ..
·  ارتداد شخص مسلم واعتناقه النصرانية علنا في أفغانستان حسب إذاعات العالم ..
·  اكتشاف شبكة من كوريا الجنوبية للتنصير في أفغانستان منذ أول أيام الغزو الأمريكي ..
·  علماء أفغانستان يقدمون شكاوى مستمرة من خلال القنوات كالجزيرة من مشكلة انفلات الشباب الأفغاني والبعد عن الدين ! وهي مقدمات الخطة التنصيرية ..
·  صحفي مصري يتم تعميده (طقس الدخول في النصرانية) على يد بابا الفاتيكان، والفيلم موجود على يوتيوب.
·  بدأت حملة مكثفة على الإنترنت لتنصير الشباب المسلم المتحدث بالإنجليزية ومازالت. (أسماؤهم موجودة لدينا)
·  ظهور عدد من المرتدين عن الإسلام إلى النصرانية على الإنترنت والقنوات بهدف الهجوم على الإسلام ومنع انتشاره !! مثل وليد شعيبات ونوني درويش والتي كان والدها أحد أبطال الجيش المصري.
·  مدرس أوروبي في إحدى المدارس الخاصة في البحرين يقول للطلاب في درس اللغة الأجنبية أن (الله) ليس اسم الإله بل هو من صنع البشر. (المعلومات متوفرة لدينا)
·  كتاب الدراسات الاجتماعية الذي يدرس في بعض مدارس البحرين الخاصة يحمل مغالطات تاريخية ودينية. (هناك تقرير خاص عنه)
·  ملاحظات على المدرسين الأمريكيين في البحرين والسعودية. (تتوفر لدينا الأدلة التي تكشف اتجاهاتهم التنصيرية)
·  قيام المنصرين من كل الجنسيات بزيارة مركز أحمد الفاتح في البحرين لكي يتدربوا. (بعضهم يتحدث العربية) !
·      زيارة المنصرين للسجون في البحرين ثلاث مرات كل أسبوع !
·  زيارة المنصرين لمستشفى السلمانية وإعطاء المرضى المسلمين تماثيل المسيح. (شاهدة عيان)
·      منصرة تحاول تنصير خادمة مسلمة تعمل لدى أسرة بحرينية. (البيانات متوفرة)
·  فتاة تونسية اصطحبها أبوها إلى مركز الفاتح بالبحرين لتعرضها لمحاولة تنصير.
·  سيدة مصرية متزوجة من ألماني مسلم يتعرضان للتشكيك من أربعة مسيحيين : ألمانيان ومصريان. (البيانات متوفرة)
·      سيدة أندونيسية كادت تخرج من الإسلام بسبب عملية تنصير. (البيانات متوفرة)
·  شاب بحريني شيعي تعرض لمحاولة تنصير من قبل أمريكية ولجأ لبعض الدعاة، وقد قال الشاب : "إن الشيعة والسنة منشغلون بحرب بعضهم بينما الشباب يتم تنصيرهم في الجامعات". (البيانات متوفرة)
·  شاب بحريني كان معروفا بالالتزام وطلب العلم ثم تغير تماما وبدأ يردد شبهات المنصرين. (البيانات متوفرة)
·  زوجة هندية ـ تعاني من مشاكل زوجية ـ تعرضت للتنصير من أمريكي. (البيانات متوفرة)
·  شاب بحريني يدرس في إحدى الجامعات الخاصة في البحرين وجد كتبا تنصيرية في قاعة المحاضرة. (البيانات متوفرة)
·  إيطالية تتبنى فتاة صومالية وتعمل على تنصيرها مصرحة بأنها تعمل على ذلك بالحب لا بالسيف !
·  منصرة اسمها "جوديث" تزور جامع الفاتح في البحرين مع أطفال من فريق الكشافة ورفضت احترام الجامع بارتداء الزي الشرعي ثم بدأت بمحاولة تنصير بعض النساء وسجلت عبارات من الكتاب المقدس في دفتر الزيارة. (البيانات متوفرة)
·  حملة في الغرب لتبني أطفال المسلمين الفقراء لتنصيرهم عن طريق الأغنياء والمشاهير في الغرب مثل مادونا وجون مكين مرشح الحزب الجمهوري، وقد تم كثير من ذلك بمساعدة الراهبة تريزا !
·  أذاعت الجزيرة أن سيدة من تنزانيا تناشد المسلمين مساعدتها ماديا لأنها تربي حوالي 100 يتيم من أبناء المسلمين الذين أنقذتهم من ملاجئ المنصرين.
·  مؤسسة مسيحية في مصر تتبنى مشروعا لانتشال أطفال الشوارع من الضياع حسب الأهرام المصرية.
·  ضجة إعلامية عن قيام فرنسيين بخطف أطفال مسلمين من تشاد تدخل فيها الرئيس التشادي نفسه لمنع طيارتهم من السفر.
انتهى التقرير الصغير، وللبحرين فيه نصيب كبير.

والمزعج حقا أن هذا غيض من فيض !! وأن كل هذه البيانات التي اشتمل عليها التقرير حدثت في فترات متقاربة جدا !!! وأن هذا كله ما تم رصده في العلانية دون تكلف البحث عنه !!! فإذا كان الحال هكذا في زمن قريب وفي العلانية ودون تكلف وفي أماكن محدودة، فكيف يكون الحال لو تكلفنا إحصاء ما يجري في السر والعلن خلال سنوات في بلاد الإسلام وغيرها؟؟؟

إلى هذه اللحظة لا توجد أي نشرة معلنة لرصد حركات المنصرين في البحرين، ولم نشاهد بعد أي بحث أو دراسة حول هذا الموضوع في البحرين.

مثال تنصيري صارخ بين يدي :

أعرض هنا للمسلمين ـ وللأخت وفاء جناحي خاصة ـ مثالا صارخا على الكفر والشرك بالله تعالى يُنشر هنا في البحرين باسم التنصير والدعوة إلى عبادة يسوع المسيح في غفلة من المسلمين .. حتى تعرف الأخت الكاتبة ماذا يريد هؤلاء بالتحديد ..



"جوش ماكدويل" منصر أمريكي مشهور، كانت له مناظرة مشهورة مع أحمد ديدات، وقد ذكره ديدات في كتابه : (أساقفة إنكلترا وألوهية المسيح) قال عنه:




ألف هذا المنصر كتبا عديدة في اللاهوت المسيحي، ومن بينها كتابه (نجار وأعظم) :



وصلتني نسخة من هذا الكتاب ومعها رسالة أعرضها عليكم بصورتها :


هذا ما يحدث في البحرين ونحن غافلون، هناك فلل في الجفير هي عبارة عن كنائس، هناك بحريني كان مسلما وتنصر !! هناك استهداف واضح لفئات وأماكن بعينها، وكتاب المنصر جوش ماكدويل يوزع فيها وفي المجمعات والجامعات، ويستهدفون فئات معينة من الناس، فما الذي يدعو إليه جوش في كتابه هذا؟؟؟

أعرض عليكم أمثلة ثلاثة من هذا الكتاب وأدع الحكم لكم :





وهذا غيض من فيض .. والخلاصة أنها دعوة لاعتقاد أن المسيح عيسى بن مريم عليهما السلام هو الله !! تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ..

إذن فهؤلاء القوم ـ كما رأيتم ـ لا يعبدون الله الواحد المنزه عن الصاحبة والولد والذي لا يشبه شيئا من المخلوقات، وهو ما يؤكد للأخت وفاء خطأ تصورها عنهم أنهم لا يشركون بالله تعالى ..

قد يقول قائل : إن سخافة كهذه التي يعرضها جوش ماكدويل لا تنطلي على مسلم يعرف مبادئ الإسلام؟؟
فنقول له : إن هؤلاء لا يستهدفون أئمة المساجد ورجال الدين الإسلامي، هؤلاء يستهدفون نوعا من الناس يشعرون بأنهم لم يحظوا بتعليم إسلامي جيد بسبب المدارس الخاصة أو التعليم الغربي أو لظروفهم الخاصة كاليتامى والفقراء أو من يحتاجون لمد يد العون كالمنكوبين والمظلومين الذين قد يميلون إلى من يعينهم ..

وعلى كل حال فما من شك أن جهود المنصرين في كل مكان تعتمد على فكرة إقناع الناس بألوهية المسيح، ولا شك أن هذه الفكرة شرك وكفر واضح وصريح، وهو ما جاءت الأنبياء والرسل بمحاربته ودحضه، وهو ما نزل القرآن الكريم للتحذير منه ونهي الناس عنه ..
إن جهل المسلم بأوليات ومبادئ الإسلام يجعله فريسة سهلة للمنصرين والدعاة إلى الكفر والشرك، فلا يصح إسلامه حتى يؤمن بالتوحيد ويتبرأ مما سواه ..
ومن أشهر أسباب الجهل بمبادئ الإسلام ترك تعليم الأبناء وإهمالهم، أو الزج بهم في بعض المدارس الخاصة التي لا توفر تعليما إسلاميا كافيا فتعتبر بيئة خطرة على أبناء المسلمين.
كما أن التقصير في رعاية الفقراء وأيتام المسلمين يوقعهم في شراك المنصرين.
ويعتبر الظلم والاضطهاد من جملة أسباب نفرة المسلم من المسلم، ولجوء المسلم إلى ديار النصارى حيث يكون صيدا سهلا .
كما أن تقصير المسلمين في طبع وتوفير النشرات والمواد المضادة للنصرانية هو أيضا من أسباب انتشار التنصير ..

لقد أطلت في هذا المقال لأنني رأيت في كلام الكاتبة الأخت وفاء جناحي من حسن الظن برؤساء النصارى ما ذكرني بملف التنصير هذا، وأشعرني بأننا مقصرون في التوعية والتفهيم حتى خفيت حقيقة هؤلاء عن كاتبة مسلمة بحيث لم يتوفر لها تصور صحيح لأفكار المنصرين.

في الختام أدعو جميع المسلمين إلى أخذ الحيطة والحذر والاهتمام بأبنائهم وتعليمهم جيدا منذ الصغر وحدانية الله تعالى وعظمته وأنه ليس كمثله شيء وأنه منزه عن الصاحبة والولد .. إلخ فإن التعليم في الصغر كالنقش في الحجر.

والحمد لله رب العالمين، والسلام عليكم ورحمة الله.